واجب المسلمين عند اختلاف المفتين  Hitskin_logo Hitskin.com

هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداكالرجوع الى صفحة بيانات التصميم

حبيب قلبى يا رسول الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
حبيب قلبى يا رسول الله


 
الرئيسيةالرئيسية  البوابهالبوابه  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
لا اله الا الله
لا اله الا الله

 

 واجب المسلمين عند اختلاف المفتين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
طريق الهدايه اسدالسنه

واجب المسلمين عند اختلاف المفتين  QDF14880
طريق الهدايه اسدالسنه


رساله sms النص
واجب المسلمين عند اختلاف المفتين  Laella10
ذكر

<b>المشاركات</b> 1238

نقات : 22263

التقييم التقييم : 6

المزاج : واجب المسلمين عند اختلاف المفتين  85

المزاج المزاج : تمام

واجب المسلمين عند اختلاف المفتين  8gc3S-D7Jp_52733731

واجب المسلمين عند اختلاف المفتين  Ejr24340
واجب المسلمين عند اختلاف المفتين  21واجب المسلمين عند اختلاف المفتين  1000
واجب المسلمين عند اختلاف المفتين  17
<iframe src="https://www.facebook.com/plugins/follow?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fprofile.php%3Fid%3D1127292118&layout=standard&show_faces=true&colorscheme=light&width=450&height=80" scrolling="no" frameborder="0" style="border:none; overflow:hidden; width:450px; height:80px;" allowTransparency="true"></iframe>


واجب المسلمين عند اختلاف المفتين  Empty
مُساهمةموضوع: واجب المسلمين عند اختلاف المفتين    واجب المسلمين عند اختلاف المفتين  Emptyالأحد فبراير 06, 2011 4:47 am

واجب المسلمين عند اختلاف المفتين

عبدالله بن صالح العجيري
الناظر في أمر الفتيا، وحال الإفتاء يجد فوضى عريضة، وتناقضات غريبة، وتعالماً مزرياً، وجرأة عجيبة؛ فهذا يهدم بفتياه أصلاً شرعياً مقرراً، وذاك يتقدم ليفتي في نازلة وما هو لها بأهل، وثالث يفتي فتضحك الثكلى لفتواه، فلا عقل لهؤلاء يردعهم عما هم فيه، ولا دين يمنعهم من جرأتهم المحرمة هذه على الشرع، (فاسمع ما شئت من فتاوى مضجعة، محواجب المسلمين عند اختلاف المفتين
لولة العقال، مبنية على التجري لا التحري، تُعنت الخلق، وتشجي الحلق، لا تقوم على قدمي الحق، بل ولا على قدمي باطل وحق، حـتى هـزأ بهـم كبـار الأجـراء، وقـالـوا: فتوى بفرخة، ولو شئت أن أنقل صوراً ونماذج في هذا الباب لأصاغر قد تقدموا لسد ثغرات العلم ـ زعموا ـ لنقلت لك صفحات طوالاً.
أما الجرأة على العلماء الأكابر الأفذاذ فلا تسل عن الحال، والله المستعان، وصدق رسول الله # إذ قال: «إن من أشراط الساعة أن يُرفَع العلم ويكثر الجهل»، ولكن دع ذا؛ فليس ذا المقصود من هذا المقال، وإنما هي نفثة مصدور مما يرى ويسمع، ورحم الله دمعة (ربيعة) حين سأله رجل عنها قائلاً: أَدَخَلَتْ عليك مصيبة؟ قال: لا، ولكن استُفتِيَ من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم، وبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السُّرَّاق 0وهكذا فقد تتابعت دمعات الأئمة من بعده يرددون كلمته هذه كابن الجوزي(4) وابن الصلاح وابن حمدان وابن القيم وغيرهم، كل يبكي أحوال زمانه، ويتحسر من أوضاع العلم والعلماء؛ فكيف لو رأوا زماننا، وما نحن فيه؟ اللهم فغفراناً وستراً.
والمقصود أن ما يُرى من فوضى في عالم الفتيا قد سبَّب اضطراباً في المواقف؛ فما عاد كثير من المسلمين يعرفون من يُستَفتى، وما عادوا يعرفون الحق من الباطل في خضم هذه المتناقضات، فسلك الناس في هذا الباب مذاهب شتى، منهم من أخذ بالأيسر والأسهل متى ما وقف عليه ممن كان، وحيث كان، لسان الحال يقول: والله ما أُخَيَّرُ بين أمرين إلا اخترت أيسرهما وإن كان إثماً! وآخر ذو طبع جامد متشدد قد ألزم النفس الأشد وإن كان مرجوحاً، ثم تراه يُلزِم ذلك أهله وولده ومن يعول، ومن لا يعول؛ فموضع التهمة وسوء الظن، فأوقع نفسه وأهله في حرج وضنك وما ذاك بطيب ولا مشروع، وثالث متردد حائر يريد ما يريده الله، ويطلب حكمه، لكنه لا يدري أيُقْدِم أم يُحْجِم، يظن في نفسه أنه إن أقدم فلهوى، وإن أحجم فَلِهوى، قد ضاقت نفسه بالخلاف، وود لو لم يكن خلاف، أو لو أُلزِمَ الجميع بفتوى واحدة، هي الرأي المتبع، والقول المسدد، إذن لاستراح وهان عليه الإحجام أو الإقدام.
ولذا صار من الواجب التعرف على الموقف الشرعي الصحيح تجاه اختلاف المفتين، والطريقة الشرعية الصحيحة للاستفتاء.
وإن أمر الفتيا وما يترتب عليها من أحكام لا شك عظيم، وموقف صعب جليل يقفه العالم المفتي، والعامي المستفتي، ولكل أحكامه وما يجب عليه؛ فالعامي واجبه السؤال عما يجهل {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، والعالم واجبه الإبانة والجواب: {إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ} [البقرة: 159]، وليس يبرئ ذمة هذا أو هذا أي استفتاء ولا أي فتيا، بل لكل ضوابطه ومعالمه التي متى ما روعيت، كانت الإصابة للأجر، وإن كان الخطأ، ومتى أغفلت كان الشخص مخطئاً أصاب الحق في الفتيا والعمل أو أخطأ.
وهذه المقالة معنية ببيان ما يتصل بأحوال المستفتي وما يتعلق به من أحكام خصوصاً عند اختلاف المفتين لمعرفة المخرج الشرعي الصحيح من الاضطراب الواقع في عالم الفتيا، ولتطمئن النفوس وتهدأ عند الوقوف على اختيار من الاختيارات أخذاً به واطِّراحاً لما سواه، وهذه المعالم مستفادة في الجملة من كلام أهل العلم المصنفين في أصول الفقه، تحت أبواب الاجتهاد والتقليد، وأحكام الإفتاء والاستفتاء؛ فليست هذه المقالة إلا محاولة لتقريب كلام أولئك الأجلَّة من أهل العلم إلى المقصودين به أصالة من المستفتين، وهذا واجب ينبغي أن يعتني به طلبة العلم والعلماء، في تقريب العلوم الشرعية إلى جمهور الأمة، خصوصاً فيما يتعلق بها من أحكام كشأن هذا الباب. ولا أزعم أن هذه المقالة كافية في هذا المجال، لكنها مقاربة أرجو أن تكون موفقة، وحلقة في سلسلة هذا المشروع المبارك، ومحاولة لتسهيل هذا الباب على جمهور أوسع، بدل أن تكون هذه المعالم حكراً على المهتمين بعلم أصول الفقه وكتبه، والأمر يحتاج إلى مزيد تسهيل وتبسيط لتكون هذه المعالم في تناول كل مسلم. أسأل الله أن تكون هذه المقالة محل نفع وإفادة، ويتحقق بها شيء من المقصود. فإلى هذه المعالم المتعلقة بباب الاستفتاء والمستفتي:
الـمَعْلَم الأول: تفهم حقيقة الخلاف وطبيعته:
إن مما ينبغي أن يُعلَم أن الخلاف بين البشر جميعاً، في دائرته الواسعة ـ بين أهل الإسلام ومخالفيهم ـ أو دائرته الأضيق ـ بين أهل الإسلام على صوره وأشكاله حقيقة واقعة، وسنة ربانية ماضية، لا يمكن رفعها، ولا إزالتها، ولا إعدامها من الوجود: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَـجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ #118#) إلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118 - 119]، فـ (وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه لتفاوت إراداتهم وأفهامهم وقدرات إدراكهم)، ولذا فإن التذمر من وجود الخلاف، والحيرة عند كل اختلاف، مذهب غير حميد، ومسلك غـير رشيـد، بل الواجـب أن تُتفهم طبيعة هذا الخلاف في إطـاره الشرعي الصحـيح، وتُدرس أسبابه، فإن العلم بها يخفف من حدة الاختلاف ويُحسن ظن المرء بالعلماء، كما ينبغي أن يُتعرف على المنهج السليم في التعاطي مع مسائل الخلاف والتعامل معها، وإعطاء كل مسألة حقها ومستحقها، فلا يُتعامل مع الكل تعاملاً واحداً، فتعطى الأصول أحكام الفروع، وتعطى الثوابت أحكام المتغيرات، بل يحسن بالمرء التعامل مع كل مسألة بما يليق بها، وبما يناسبها، ومتى ما حصل ذلك، وكان القصد طاعة الله ورسوله، والمتابعة حاصلة للمنهج الشرعي، لم يضر ذلك الاختلاف شيئاً، بل يصير سعة ورحـمة لا فرقة وعذاباً. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (والنزاع في الأحكام قد يكون رحمة إذا لم يُفْضِ إلى شر عظيم من خفاء الحكم، ولهذا صنف رجل كتاباً سماه: كتاب الاختلاف، فقال أحمد سَمِّه: كتاب السعة)، (وبهذا يظهر أن الخلاف الذي هو في الحقيقة خلاف ناشئ عن الهوى المضل لا عن تحري قصد الشارع باتباع الأدلة على الجملة والتفصيل وهو الصادر عن أهل الأهواء، وإذا دخل الهوى أدى إلى اتباع المتشابه حرصاً على الغلبة والظهور بإقامة العذر في الخلاف، وأدى إلى الفرقة والتقاطع والعداوة والبغضاء لاختلاف الأهواء وعدم اتفاقها، وإنما جاء الشرع بحسم مادة الهوى بإطلاق، وإذا صار الهوى بعض مقدمات الدليل لم ينتج إلا ما فيه اتباع الهوى وذلك مخالفة الشرع، ومخالفة الشرع ليست من الشرع في شيء فاتباع الهوى من حيث يظن أنه اتباع للشرع ضلال في الشرع؛ ولذلك سميت البدع ضلالات، وجاء أن كل بدعة ضلالة؛ لأن صاحبها مخطئ من حيث توهم أنه مصيب)0
وأنت سائلي بعد ما تقدم:
كيف يمكن التعرف على الثوابت والمتغيرات، وما يصح فيه الخلاف مما لا يصح، ولسنا بعلماء ولا مجتهدين؟
والجواب:
1 ـ أن جملة واسعة من الأصول والثوابت مما يعلمها أهل الإسلام جميعاً ضرورة: وهي من الدين الجامع الذي لا يصح الاختلاف فيه؛ فلو قدر مخالفة البعض في هذه؛ فالواجب رد هذا الاختلاف رأساً، ولا يصح أن يُلتفت إليه، أو يُتأثر به، أو يُحكى في المسألة خلاف بناءً عليه، وهذه المسائل مما يتفاوت الناس في إدراكها بحسب الأحوال والأزمنة والأماكن؛ فدائرة العلم بها والإحاطة بها في أماكن العلم ومحال انتشاره أوسع من أماكن اندراس العلم وقلته وخفائه؛ فكل يلزمه من ذلك ما يلزمه بحسب حاله، وبحسب الحال يكون العذر وعدم الإعذار.
2 ـ أن يَعرف المسلم: أن مسائل الشريعة لا تخرج عن قسمين:
أ ـ مسائل إجماعية، لا خلاف فيها.
ب ـ مسائل خلافية.
فمسائل الإجماع كاسمها مسائل إجماع، فلا يصح فيها خلاف، والمعتبر فيها أقوال العلماء المجتهدين، ومتى ثبت لزم، ولم يجز العدول عنه أو الخروج لرأي شخص كائناً من كان. ومن الإجماع ما هو مدرَك لجميع المسلمين وهو من إجماعهم، ومنه ما يختص بمعرفته العلماء؛ فشأن الأول بَيِّنٌ من جهة العلم به ولزومه وعدم جواز العدول عنه، أما الثاني فلازم كذلك لإجماع العلماء عليه، ويندر جداً أن تجد عالماً مجتهداً يخرج عنه أو يفتي بخلافه؛ فالعلم به من جهة المفتي بَيِّنٌ كذلك، والعدول عنه محرم لا يجوز.
أما مسائل الخلاف فعلى ضربين:
أ ـ ما يسوغ فيه الخلاف، وللمستفتي في مثل هذه المسائل موقف شرعي سيأتي بيانه مفصلاً، وهو محل الإشكال غالباً، وهو المقصود بهذه الأوراق أصالة.
ب ـ ما لا يسوغ فيه الخلاف، وذلك لشذوذ في القول، أو بُعد عن الدليل، أو ضعف في الاستدلال، وهو المشار إليه في مثل قول ابن الحصار:
فليس كل خلاف جاء معتبراً
إلا خلاف له حظ من النظر
فهذا اللون من الخلاف متى استبان أمره للمستفتي، لم يصح له الأخذ بالمرجوح ولا العدول عن القول الصحيح الراجح إليه. وله أمارات وعلامات، كالتفرد برأي يخالف المشهور المستقر بين جماهير أهل العلم، أو المخالفة البينة لنص المسألة وهكذا. وهذا اللون من المخالفة هو المسمى عند العلماء بـ (زلة العالم) وهي التي يحرم متابعته عليها، واعتماد قوله فيها. يقول الإمام الشاطبي في ضابط هذا اللون من الاختلاف مقرباً إياه لغـير المجـتهدين من المتـفقهين: (إن له ضابطاً تقريبياً وهو أن ما كان معدوداً فى الأقوال غلطاً وزللاً قليل جداً فى الشريعة، وغالب الأمر أن أصحابها منفردون بها قلَّما يساعدهم عليها مجتهد آخر؛ فإذا انفرد صاحب قول عن عامة الأمة فليكن اعتـقادك أن الحق في المسألة مع السواد الأعظم من المجتهدين لا من المقلدين0
ومن نظر في أحوال من تقدم وتورعهم عن الفتيا إلا بما يعتقدون صحته يرى أن ذلك خفف كثيراً من وقوع الخلاف الشاذ بينهم؛ فلو أن المفتين التزموا مثل هذا الأصل ـ أصل التورع ـ ولم يفتوا إلا بما يعرفون متى وجب؛ لخفَّ الأمر على المستفتين، ولسلموا من العمل بالأقوال الشاذة التي لا يصح أن يفتى بها ولا العمل بمقتضاها.
وفي الجملة: فما جعل الله الباطل كالحق، بل أقام على هذا وهذا علامات وآيات تدل عليه، يدركها المخلصون المجاهدون فيه جل وعلا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإنَّ اللَّهَ لَـمَعَ الْـمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69] ، ومـع ذلك فـلـو قـدر وقـوعـه ولم يستبن أمره للعامي، فتابع مفتيه عليه فإنه يُعذَر متى كان الحق طَلِبَته، واجتهد في تطلُّب المفتي الصالح، ومتى ما استبان له شذوذ القول بمخالفة آخر بنص بَيِّن؛ فاتباع النص ألزم وأوجب. يقول شيخ الإسلام: (والعالم إذا أفتى المستفتي بما لم يعلم المستفتي أنه مخالف لأمر الله فلا يكون المطيع لهؤلاء عاصياً، وأما إذا علم أنه مخالف لأمر الله فطاعته في ذلك معصية لله)(2)، وإن لم يتضح له فالأمر من قبل ومن بعد معلق بقوله ـ تعالى ـ: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، «فإنما شفاء العي السؤال»، وسيأتي مزيد بيان وتفصيل.
فإذا اتضح ما تقدم ـ ولو نظرياً ـ وهو متضح في بعض المسائل عملياً مع تفاوت بين الناس في ذلك؛ فإن التعامل الشرعي الصحيح يكون بإعطاء كل مسألة الوزن الذي تستحقه.
وليس هذا التقسيم المتقدم ذا حدود مانعة، بحيث تفصل بين المسائل بضابط قطعي، بل الأمر يتفاوت من عالم لآخر ومن مسألة لأخرى؛ فمن مسائل الخلاف مثلاً ما يكاد أن يكون إجماعاً لضعف الخلاف جداً، ومنها ما يتأرجح بين الخلاف السائغ وغير السائغ، وهكذا.
3 ـ أن تصرفات المفتين عادة تكون مركبة من قضيتين: حكم شرعي مستنبط، ثم تنزيل لهذا الحكم على واقعة مخصوصة؛ وعليه فالفتيا قد يدخل عليها الخطأ إما من قصور في إدراك الحكم، أو تقصير في معرفة الواقع، ولذا فالاختلاف الحاصل بين المفتين قد يكون أحياناً في تحرير حكم المسألة، وقد يكون في تنزيلها على الواقع. وبناء على هذا؛ فمن الفتاوى ما يمكن أن يجهل المستفتي خطأ الحكم المضمَّن في الفتوى لقصوره عن رتبة الاستنباط، لكنه لا يجهل مخالفة التنزيل للواقع، إما لعلمه بحقيقة الحال والواقع لتعلقه به، وعدم مطابقة الفتيا له، أو لغموض في السؤال أدى إلى إشكال في عملية التنزيل، وقد يكون للمستفتي مزيد اختصاص بعلم الواقعة من المفتي، مما يجعله أقدر على تفهمها، ومعرفة صحة التنزيل من عدمه، والاجتهاد في تحقيق المناط مما يشترك في بعض صوره العامة والخاصة، وفي بعض صوره لا يقدر بعض الخـاصة على دقة التنزيل بخلاف بعض العامة للاختصاص، ولا تثريب في ذلك، كتمييز المرأة لدم الحيض مثلاً، ومعرفة المريض للمشقة الواقعة عليه من مرضه، ودراسة القوائم المالية لشركة لمعرفة حكمها وهكذا؛ فلو قدر أن مفتياً ألزم من جامع زوجته في نهار رمضان بالصوم، وادعى المستفتي عجزه، لم يكن للمفتي أن يلزمه بذلك، بل ينتقل به إلى ما دونه من صدقة، ويكل أمره وباطنه إلى الله؛ فإن كان صادقاً، وإلا أثم، وسلم المفتي. وكم من مسألة معلقة بالعرف مثلاً يتكلم فيها العالم باعتباره واحداً من أهل العرف فيخالفه غيره بالاعتبار ذاته، فتحقيق هذا إنما يكون بتحقيق طبيعة الواقعة ومناط الحكم.
وعليه؛ فاسـتبانة الخـطأ فـي مثـل هـذه الفـتاوى قد يتضح بما تقـدم، ولا يصح إن اتضح للمستفتي خطأ في التنزيل الأخذ بالفـتيا، بل الواجب توضيح الواقع على صورته للمفتي، أو الانتقال لمفت آخر؛ إذ المقصود ليس العمل بأي فتيا تتيسر، وإنما طلب الفتيا الموافقة لشرع الله والحاصلة في محلها، وليس القصد من هذا التقليل من شأن العلماء أو الطعن عليهم أو تخطئة تنزيلاتهم بإطلاق كلاَّ، وكلاَّ، وإنما القصد وضع الأمر في نصابه، وبيان وجهٍ من أوجه اختلاف العلماء، والذي ينبغي أن يُراعى ويُتفهم في إطاره الشرعي الصحيح، وفرق بين فهم النص وفهم الواقع؛ فكم أحاط شخص بأحدهما ونقص حظه من الثاني، وإن كان حد الكمال الأدنى من هذا وهذا مطلوباً في الإفتاء. والله أعلم.
الـمَعْلَم الثاني: طلب المؤهَّل للفتيا:
إن من الواجبات الشرعية المتعلقة بالمستفتي أن يتطلَّب المفتي الصالح للإفتاء؛ وذلك عملاً بقوله ـ تعالى ـ: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، فلا تبرأ الذمة بسؤال أي شخص، بل لا تبرأ إلا بسؤال أهل الذكر من العلماء؛ فالواجب أن يتحـرى المستفـتي في هـذا، ويجـتهد لإصـابـة المفتي المؤهَّـل مجـرداً عن صـنوف الهـوى، والتعـصب لشخـص، أو طائفة، أو إقليم، طلباً لإصابة مراد الله ـ جل وعلا ـ وحكمه. وإذا كان الرب قد استشهد العلماء على أجلى حقيقة شرعية، وأظهر الأصول الدينية، وهي الشهادة له بالوحدانية، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ وَالْـمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْـحَكِيمُ} [آل عمران: 18]، فلا يصح للعباد أن يستشهدوا على أحكام رب العباد إلا أهل العلم والديانة، فلا يصح استفتاء أهل الجهالة والغباوة، ولو تَصدَّروا أو صُدِّروا، ولا يجوز أن يُستـفتى متسـاهل خـارج عن الحد طلباً للترخُّص والتيسير، ولا جامد متعنت متشدد يسلَّط على أهل التقصير، بل يُطلب من يُظَن أنه يصيب حكم الرب ومراده، وقد قال الإمام محمد بن سيرين: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، ولو أن أهل الجهالة مُنِعوا فتيا الناس لقل الشذوذ، وضعف أمره، ولخفَّت وطأة الخلاف على كثير من المستفتين؛ فإنهم لجهلهم وبجهلهم قد كثَّروا الدَّخَن لا كثرهم الله، وصدق من قـال: (العـلم نقطة كثَّرها الجاهلون)، و (إذا ازدحم الجــواب خفي الصـواب)، و (اللغط يكون منه الغلط) و (لو سكت من لا يعلم لسقط الاختلاف)، يقول ابن حزم: (لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها؛ فإنهم يجهلون، ويظنون أنهم يعلمون، ويقدِّرون أنهم يصلحون)، (فأضحى، وأمسى، وبات، وأصبح لزاماً على كل غيور أن تكون منه نفثة مصدور، لبيان عُوار البضاعة، والتبر من (الفبر)، فليس كل بيضاء شحمة، ولا كل سوداء تمرة، وترى الرجل كالنخل، وما يدريك ما الدخل)0فالاحتساب على أولئك واجب شرعي على من بيده حق الاحتساب من عالم أو أمير طلباً لكف شرهم عن الناس؛ والحَجْرُ عليهم فريضة لازمة صيانة للدين والعلم؛ إذ (الحَجْرُ لاستصلاح الأديان أوْلى من الحَجْر لاستصلاح الأموال والأبدان)0يقول ابن القيم: (من أفتى الناس وليس بأهل للفتوى فهو آثم عاص، ومن أقره من ولاة الأمور على ذلك فهو آثم أيضاً. قال أبو الفرج ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ: ويلزم ولي الأمر منعهم كما فعل بنو أمية؛ وهؤلاء بمنزلة من يدل الركب وليس له علم بالطريق، وبمنـزلة الأعمى الذي يرشـد النـاس إلى القـبلة، وبمنـزلـة من لا معرفة له بالطب وهو يطب الناس، بل هو أسوأ حالاً من هؤلاء كلهم، وإذا تعين على ولي الأمر منع من لم يحسن التطبُّب من مداواة المرضى؛ فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة ولم يتفقه في الدين؟ وكان شيخنا ـ رضي الله عنه ـ شديد الإنكار على هؤلاء، فسمعته يقول: قال لي بعض هؤلاء: أجعلتَ محتسباً على الفتوى؟ فقلت له: يكون على الخبازين والطباخين محتسب، ولا يكون على الفتوى محتسب؟!، وصدق رحمه الله، والأمر كما قال ربيعة: وبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السراق.
وقد تكلم العلماء في صفة المفتي وشروطه، وفصَّلوا الكلام فيه، ليُعـرَف المحق من المبطل، والصادق من الكاذب، والعالم مـن الجاهل؛ فمما ذكـروه، ونبـهوه عليـه، مما يهم المستفتي، ما قاله الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ: (لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله ـ عز وجل ـ إلا رجل عارف بكتاب الله، بناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، وفيما أُنزل، ثم يكون بعد ذلك بصيراً بحديث رسول الله ، وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث ما عـرف مـن القـرآن، ويكـون بصـيراً باللغة، بصـيراً بالشـعر وما يحتاج إليه للعلم والقرآن، ويستعمل مع هذا الإنصاف، وقلة الكلام، ويكون بعد هذا مشرفاً على اختلاف أهل الأمصار، ويكون له قريحة بعد هذا، وإذا كان هذا هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، وإذا لم يكن هكذا فله أن يتكلم في العلم ولا يفتي) ويقول ابن الصلاح في شروط المفتي وصفاته: (أن يكون مكلفاً مسلماً، ثقة مأموناً، منزهاً عن أسباب الفسق، ومسقطات المروءة؛ لأن من لم يكن كذلك فقوله غير صالح للاعتماد، وإن كان من أهل الاجتهاد، ويكون فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف والاستنباط، متيقظاً). فهذا زبدة ما هنالك من صفات المفتي، وتفصيل هذه والتدليل عليها مما يطول فيه الكلام
ولعل مما يسهل الأمر ويقربه إلى الذهن أن يعتبر المستفتي في هذا الباب بالمثال؛ فإنه يقرب مدلول ما تقدم، ويسهِّل عليه المقايسة لمعرفة العالم من غيره، وذلك بمطالعة أحوال من تقدم من العلماء وسِيَرهم كسعيد بن المسيب، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعبد الله بن المبارك، وسفيان الثوري، والفضيل بن عياض، وابن عيينة، والأئمة الأربعة، وهكذا في جمع كثير جداً، وكذا من تأخر من أهل العلم ممن وُقِفَ عليهم بالمعاينة والمشاهدة كالشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني وغيرهم، فإنه سيعرف حقيقة العالم، وما يختص به من صفات تؤهله للنظر والاستنباط، وتصحح للمستفتي فتياه.
وقد نص العلماء على أن الطريق إلى التعرف على العالم شهرته بالعلم والعدالة بحيث يستفيض ذلك بين الناس، ونص بعضهم على أنه يُكتفى في هذا الباب بشهادة عدلين على أن فلاناً مفتٍ ولو لم يشتهر؛ لأنها من جنس الشهادة، بل قال بعضهم بواحد قياساً على جواز الواحد في نقل الإجماع، وبالغ بعضـهم فاكـتفى بشـهادة الرجل العدل لنفسه بالفتيا ليُستفتى، وأحسب أن مثل هذه الطرائق في التجوُّز بشهادة الواحد والاثنـين لو تسـومح فيـها في عصر متقدم لصلاح الأحوال، وشهرة العلماء، والقيام على المتعالمين الجهلاء لكان له وجه، أما وأن الحال قد تغير، والأمر قد اضطرب واختلط الحابل بالنابل، والليل بالنهار، لكثرة التعالم، وقلة العلماء، وظهور الجهل، وضعف العلم؛ فإن التحري في هذا الباب آكَد، وهو يستدعي من المستفتي اجتهاداً ومجاهدة، وجِدّاً ومثابرة في تطلُّب العالم الثقة، كما يستدعي من علماء الحق، وحراس العلم، أن يقوموا بدورهم في القيادة والحراسة، وليعلموا أن زمن العزلة والخمول قد ولَّى وراح، فلا الانعزال في حقهم جائز ولا الخمول سائغ، بل لا بد من الاشتهار قياماً بالدور الواجب المناط بهم، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأن هذه الشهرة المشروعة لا تكون منهم إلا بالبذل من نفوسهم تعليماً وإرشاداً، بالوعظ، والتدريس، والخطابة، والتأليف، والخلطة، والمجالسة، وقوفاً على أحوال الناس، وسعياً في حل مشكلاتهم.
ومما يعين الإنسان على الوقوف على العالم الصادق، تحصيل العلم، ومجالسة العلماء وطلبة العلم؛ فإن من له ذائقة علمـية يستـطيع مـن خلالها تذوق ما عند الرجل من عـلم وجهـل، ويميـز بـها العالم من الجاهل، والشيء يحن إلى الشيء؛ فليكن لك من العلم ما يؤهلك للنظر والتأمل، وليس القصد محاكمة العالم البحر، أو امتحانه بما يحصل من علم يسير، وإنما الشيء يدل على الشيء، والمثال يُعرف بالمثـال، كما أن فـي مجـالـسة العـلمـاء ومخـالطـة طـلـبة العلم ما يدل المرء على من يستحق أن يستفتى بتزكية أو ثناء أو إشارة، وإياك والاغترارَ بالمناصب، أو الرتب العلمية الحادثة ـ الماجستير والدكتوراه ـ فليس كل من حصَّل شيئاً من هـذه بالضرورة فقـيهاً، وليـس كل بيـضاء شحـمة، فليـكن منك هذا الأمر على بال، ومن نظر واخـتبر ومحَّص عـرف. يقـول شيـخ الإسلام ابن تيـمية: (والمنـصب والولاية لا يجعل من ليس عالماً مجتهداً عالماً مجتهداً، ولو كان الكلام في العلم والدين بالولاية والمنصب لكان الخليفة والسلطان أحقَّ بالكلام في العلم والدين وبأن يستـفتيه الـناس ويرجـــعوا إليه فيما أشـــكل عليهم في العلم والدين؛ فـإذا كان الخـليـفة والسلطان لا يدعي ذلك لنفسه، ولا يلزم الرعية حكمه في ذلك بقول دون قول إلا بكــتاب الله وسنـة رسـوله؛ فـمـن هو دون السلـطان في الولايـة أوْلى بأن لا يتـعدى طـوره)0
وخلاصة هذا الـمَعْلَم: التأكيد على لزوم اجتهاد المستفتي في أعيان المفتين، لمعرفة من يستحق أن يستفتى ممن لا تجوز فتياه، وأنه متى ما استفرغ وسعه، وأجهد نفسه في تطلُّب المفتي الحق، فقد أدى الذي عليه؛ فإن أصاب المستحق فالحمد لله وهو المظنون، وإلا كان معذوراً إذ تطلَّب الحق وكان إثمه على من أفتاه، وفيه يقول النبي : «من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه»0ومعلوم أن المستفتي إن استفتى من يعلم جهله، أو لا يعلم علمه، كان مخالفاً للأمر {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} فلا يكون الإثم قاصراً على المفتي وحده بل يعمهما. يقول السندي: (إِذَا كَانَ هَذَا الْمُفْتِي مَعْلُومًا بِالجْهلِ وَبِالْفَتْوَى بِهِ لَمْ يَجُزْ لِمَنْ ي
َسْأَلهُ) ,وهذا بين واضح بحمد لله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
واجب المسلمين عند اختلاف المفتين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مسألة اختلاف المطالع لفضيله الدكتور الشيخ محمد سعيد رسلان
» واجب المسلم تجاه السنة النبوية
» ^^^ ( هل لاموال المسلمين رجعة بعد هجرة!!!؟) ^^^
» خطبة : واجب المســلم في ذكري المولد النبوى الشريف
» خطبة الشيخ / محمد حسان بتاريخ 27.5.2011 بعنوان : واجب الوقت

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حبيب قلبى يا رسول الله :: القسم الاسلامي :: الحكم الشرعي والفتوى-
انتقل الى: