بسم الله , الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد...
اخيتي..........
مالي اراك شاردة الذهن, مقطبة الجبين, منهمكة البدن, تضيعين الساعات الطوال بلا فائدة, تعيشين بلا هدف تسعين لتحقيقة؟!!.
اخيتي..... أريدك أن ترعني سمعك وقلبك قليلا وتعي ما سأقوله لك.
ولكن قبل ذلك سأعطيك هذه الومضات على الطريق لتحددي أنت مسيرتك وأقول لك:
قـــــــــــــــــــــــفي
قفي مع نفسك أيتها المسلمة وحاسبها جيدا على تقصيرها في حق خالقها وقولي لها يا نفس توبي إلي مولاك وارجعي فكفاك ما اضعتيه من العمر فلعل ماذهب أكثر مما بقي
كفا يا نفس ما كان كفاكِ هوى وعصيانا
قفي قبل البدء بأي عمل ، واسألي نفسك ... هل هذا العمل يرضي الله عز وجل ؟ وهل هو خالص لوجهه سبحانه؟
أم للبشر نصيب من حركاتكِ وسكناتكِ
ممنوع الاستدارة
أيتها المسلمة ...انطلقي في طريقك إلى الله ولا تلتفتي إلى الوراء,
بل اسألى الله الثبات وحسن الاستقامة ورددي دائما
(( اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك ))
ممنوع الدخول
لا تدخلى أي مكان يكون سببا لمعصية الله عز وجل ولا تخطى بقدمكِ إلى معصية خالقكِ ولا تقتحم نفسك في أي مشروع يحول بينكِ وبين سعادتك
الروحية والنفسية ولا تخطى بقدميكِ في منزلقات الهوى والنفس
قال تعالى: ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )
أمامكِ دوار
الأيام تدور والسنين تمضي ... فاحرصى على استغلال وقتك في الخيرات والطاعات والقربات إلى رب الأرض والسماوات
انــــــــــتـــــــــــبهي
فإن الشيطان يزين لك الطريق حتى تنزلقي فيه وتسقطي إلى الهاوية ،
فاستعن بالله ولا تعجز_حديث صحيح_ واعلمي أن الدنيا ساعة فاجعليها طاعة
أمامك طريق ضيق
انتبهي ! ... أمامك طريق ضيق مظلم لا يسع إلا شخص واحد , فهل أعددت له العدة قبل رحيلك؟!!
اتــــــــــــجاه إجباري
أنت مطالبة بالسير في طريق الصالحين امتثالا لقول الله عز وجل
( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )
فإذا واجهتكِ الصعاب والعقاب فانحرفي عنها وأكملي طريقك ,
ولا تجعليها سبباً في تعاستكِ وآلامكِ ..
وقــــــــــــــــــــــــود
تزود بالوقود ... فإن الطريق طويل ... والعقبة كؤود ... والنهاية إما إلى الجنة وإما إلى النار.
طــــــــــــريق المــــــــــــــشاة
اختارى صاحبك في رحلتك بهذه الدنيا فإن الصاحب ساحب واعلمى بأن
(( الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ))
اخيتي بعد هذه الومضات المضيئة أسالك
أي وجهة هي وجهتكِ ?! هل أنتِ متبعة لهذه الإشارات جميعها؟!!
فإن كان نعم؛ فالحمد لله سيري في طريقكِ على بركة الله ولا تلتفتي لقول ناعق أو لرأي مستشرق
وان كان غير ذلك فأنصحكِ بالعودة.
اخيتي.... عودي بسرعة فنحن خائفون عليكِ فهذا طريق خطر
انتبهي - يا أختي - واحذري
من مكائد الشيطان ووسوسته، فلا تنظري إلى نفسكِ أنكِ منافقة من المنافقين، ولا تنظري إلى نفسكِ على أنكِ تكرهين طاعة الله وتحبين معصيته، بل انظري
إلى نفسكِ على أنكِ فتاة مؤمنة تحتاج أن تثبت على طاعة الله وأن تستمر في قربها من ربها وخالقها، ولكن إياك وداء التسويف
فقد قال أحدهم: ((التسويفُ هو القبر الذي نواري فيه أحلامَنا وطموحاتِنا والفرص النادرة في حياتنا..)).
واعلمي أن العمل الذي توانيتي في عمله وأجلتيه لوقت آخر لن تعمليه أبدا
حين تقعي في المعصية فبادري بالتوبة على الفور فالأعمار بيد الله سبحانه ,
وما يدريك أي ساعة هي ساعتك؟؟!
لقد كان العارفون بالله عز وجل يعدون تأخير التوبة ذنبا آخر ينبغي أن يتوبوا منه قال العلامة ابن القيم " منها أن المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض
على الفور , ولا يجوز تأخيرها , فمتى أخرها عصى بالتأخير , فإذا تاب من الذنب بقي عليه التوبة من التأخير , وقل أن تخطر هذه ببال التائب,
بل عنده انه إذا تاب من الذنب لم يبقى عليه شيء آخر . .
عودي فالعود احمد.. فمن لك غيره ؟؟! من سينجيكِ من عذابه؟؟!
وما أجمل تلك الحكاية التي ساقها ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين حيث قال : " وهذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين أنه رأى في بعض السكك باب قد فتح
وخرج منه صبي يستغيث ويبكي , وأمه خلفه تطرده حتى خرج , فأغلقت الباب في وجهه ودخلت فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكرا , فلم يجد له مأوى
غير البيت الذي أخرج منه , ولا من يؤويه غير والدته , فرجع مكسور القلب حزينا . فوجد الباب مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام , وخرجت أمه , فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه ,
والتزمته تقبله وتبكي وتقول : يا ولدي , أين تذهب عني ؟ ومن يؤويك سواي ؟ ألم اقل لك لا تخالفني , ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك . وارادتي الخير لك ؟ ثم أخذته ودخلت .
فتأملي معي قول الأم : لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة .
وتأملي قوله صلى الله عليه وسلم " الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها_حديث صحيح_ " وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء ؟
فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد استدعى منه صرف تلك الرحمة عنه , فإذا تاب إليه فقد أستدعى منه ما هو أهله وأولى به ..
عودي اخية فالله اشد فرحا بعودتك
ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه , وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع
في ظلها – قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك – أخطأ من شدة الفرح – "
"ما احلي الحياة في رحابك يارب"
بقربك من الله ستشعرين أن حياتك امتلأت اطمئنان و سعادة .. بعد توبتكِ ستشعرين انك إنسانة مختلفة عن غيرك.. إنسانة ذات مشاعر راقية ,
لينة القلب متواضعة الجانب مرتاحة الضمير ولكن ماالسر في هذه الراحة؟؟! ماهو سببها؟؟!
الم تسمعي اخيتي بقوله تعالى:
((مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم
بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )) [النحل: 97]
كيف تكون عبادتك؟؟
اجعلي عبادتك بين الخوف والرجاء ، فحينئذ يعتدل أمرك كله ويستقيم شأنك كله، فاجمعي بين خوف يحجبك عن المعاصي وبين رجاءٍ لا يقنطك من رحمة
الله الواسعة، كما وصف الله خير خلقه وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بقوله :
((إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ))
فنحن جميعا نرجو رحمة الله ونخشى عذابه فلا تجعلي احد هذين الجانبين يطغى على الآخر فان فعلتِ ذلك هلكتِ.
الى متى نعصي ونتوب ؟!! ومن أي شيء نتوب؟!!
قيل للحسن : ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود , ثم يستغفر ثم يعود , فقال : ود الشيطان لو ضفر منكم بهذه , فلا تملوا من الاستغفار .
قال تعالى: " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "
فالكل يتوب الصغير والكبير و الذكر والأنثى والعالم والجاهل والعاصي والمطيع
من كل ذنب صغيرا كان او كبيرا سرا او علانية قولا او فعلا ولنستشعر دقة الميزان الذي ليس له مثيل في ادق موازين البشر حيث يزن البسمة والهمزة والغمزة والنظرة
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}
خل الذنوب كبيرها وصغيرها ذاك التقى
واصنع كماش فوق ارض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
فالمعصية مهما كانت في نظرنا صغيرة فلعلها تكون عند الله عظيمة كذلك الحسنة,
فإن الذنب قد يقع فيه الإنسان بسبب وساوس الشيطان أو نفسه الأمارة بالسوء أو لأنه اتبع هواه أو انه ركن إلى رحمة الله ونسي بطشه وعقابه ... ولكن
لا ينبغي بأي بحال من الأحوال أن يصر على ذنبه، وتذكري دومًا أن الذنب مهما عظم فالتوبة تمحوه، وأن الذنب مهما صغر فالإصرار يجعله من كبائر الذنوب،
فلا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار
بك أستجير فمن يجير سواكـا
فأجر ضعيفاً يحتمي بحماكـا
إني ضعيف أستعين على قوى
ذنبي ومعصيتي ببعض قواكـا
أذنبت ياربي وآذتنـي ذنـوب
مالهـا مـن غافـر الاكــا
دنياي غرتني وعفوك غرنـي
ما حيلتـي فـي هـذه أو ذاك
واليك هذه الرساله وجهيها الى اغلى شيء تملكينه في الوجود
الى حبيبتك نفسك
رسالة الى نفسي
الى عزيزتي\...نفسي.......................الموقرة
ابعث اليك اشواقي الحارة وتحياتي العطرة راجية من الله ان تكوني خيرا مما عهدتك
غاليتي لكم يسعدني ان ابوح لك بما يجتاح فكري وخاطري...تعلمين جيدا حالك الذي الت اليه ولاادري
الى متى ستظلين تهوين من جرف الى جرف اعمق منه
اما تخافين ان تسقطي في ذلك المستنقع القذر؟!!
كيف هي اهدافك الام تطمحين؟ كيف هي حالك مع آداء الفرائض والواجبات؟
فان كان خيرا فالحمدلله وان كان غير ذلك فها انا احذرك قبل فوات الاوان.
ولكن مابالك كلما حدثتك عن امر التوبة بدأتِ بإظهار براعتك في استخدام سوف وأخواتها المسوفات؟!
أما تعلمين ان كل انسان معرض للخطأ فما بالك ترفضين التوبه بمبررات واهيه
واذكرك بأن الله تعالى يعجبه آنين التائبين اكثر مما يعجبه زجر العابدين؟
واخيرا اقول لك:
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف ..... ثم ارتوى ثم انتهى ثم اعترف
ابــشر بـقول الله في آياته ..... (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)
واخيرا اخيتي اقول لك :
في الطريق الى الله لا توجد هناك لوحات تحدد السرعة القصوى!!!
فان استطعت ان تطيري فطيري!!
وستجدين اول الطريق مزدحما, ولكن لن تجدي في آخره الا قلة مختارة
..........اسال الله ان يجعلني واياك منهم..........
وفي الختام .. نودعكن على امل القاء بكن في موضوع آخر ـ باذن الله ـ سائلين المولى ان تكونو قد استمتعتن بهذه الكلمات البسيطة