حبيب قلبى يا رسول الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابهأحدث الصورالتسجيلدخول
لا اله الا الله
لا اله الا الله

 

 الامام مالك بن انس

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نور

الامام مالك بن انس  Cartoon_327
نور


رساله sms النص
الامام مالك بن انس  Laella10
انثى

<b>المشاركات</b> 1062

نقات : 14026

التقييم التقييم : 4

البلد : مصر

العمل/الترفيه : قراءة القصص الحقيقية المؤثرة والاطلاع على كل ما هو جديد

المزاج المزاج : بخير من الله

الامام مالك بن انس  Ejr24340

الامام مالك بن انس  10

الامام مالك بن انس  Empty
مُساهمةموضوع: الامام مالك بن انس    الامام مالك بن انس  Emptyالخميس مارس 31, 2011 1:56 am


بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة والسلام على نبينا محمد سيد ولد آدم وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
اليكم حياة الامام مالك بن انس رضى الله عنة منذ نشاتة حتى نهايتة
نسبه :
هو فقيه الأمة شيخ الإسلام أبو عبد الله الأصبحي اليمني ، الذي عرف بإمام دار الهجرة ،مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو .
يعود نسبه إلي ذي أصبح من اليمن ،وهو من أسرة عربية منذ الجاهلية حتى زمن الإسلام .
انتقل جد أبيه – وهو أبو عامر بن عمرو – من اليمن إلى المدينة المنورة بعد غزوة بدر الكبرى ، وصاهر بني تميم وحضر المغازي كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما أبوه أنس ، وجدّه مالك ، فمن التابعين ، وأما الإمام مالك وكنيته أبو عبد الله ، فمن تابعي التابعين ، رضوان الله عليهم . فقد كان جدّه مالك بن أبي عامر من أفضل الناس وعلمائهم ، وهو أحد الأربعة الذين حملوا عثمان بن عفان رضي الله عنه – ليلا – إلى قبره وغسلوه ودفنوه .
مولده ونشأته :
ولد الإمام مالك رضي الله عنه في ذي المروة شمال المدينة المنورة ، سنة ثلاث وتسعين للهجرة ( 93 هـ) على الخلاف الصحيح في خلافة الوليد بن عبد الملك الأموي ، ثم انتقلت الأسرة إلى العقيق ومن العقيق انتقلت الأسرة إلى المدينة المنورة ، وبها نشأ الإمام ، فرأى آثار الصحابة والتابعين كما رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيها فانطبع في نفسه تقديسها مما دعاه أن لا يطأ أديمها بدابة قط ، وكان ما عليه أهلها أصلا من أصول استنباطه.

نشأ الإمام مالك في بيت مجد من بيوت العلم فجده مالك بن أبي عامر كان من كبار التابعين وعلمائهم . وشارك هذا الجد المبارك في مهمة دينية رسمية ، وهي مهمة كتابة المصاحف في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فكان مالك الجد ، ممن كتبوها ، في حين لم يكن يندب في ذلك العهد لهذه المهمة إلاّ أشخاص بارزون .
وكان النضر – أخو الإمام مالك – ملازما للعلماء ، يتلقى عليهم ، حتى إن مالكا حين لازمهم ن كان يعرف بأخي النضر ، فلما ذاع أمر مالك بين شيوخه ، صار يذكر بأن النضر أخو مالك .
ولقد كانت البيئة العامة للبلد الذي عاش فيه توعز بالعرفان وتنمي المواهب إذ هي مدينة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم موطن الشرع ومبعث النور ومعقد الحكم الإسلامي الأول ومرجع العلماء في العصر الأموي الأول ، حتى إن ابن مسعود كان يسأل عن الأمر في العراق فيفتي فإذا رجع إلى لمدينة ووجد ما يخالفه لا يحط عن راحلته حتى يرجع فيخبر من أفتى .
في ظل هذه البيئة الخاصة والعامة نشأ مالك رضي الله عنه وحفظ القرآن في صدر حياته ، ثم اتجه بعد ذلك إلى حفظ الحديث ، وجالس العلماء ، ويحكي عن نفسه رضي الله عنه فيقول : ؟ إنّه استأذن أمه في مجالسة العلماء فألبسته أحسن الثياب وعممته ، ثم قالت له : اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه " .
فجلس بنصيحة أمه إلى ربيعة الرأي وهو حدث صغر .
طلبه للعلم :
إن الطريقة التي سلكها الإمام مالك رضي الله عنه في طلب العلم من أسلم الطرق وأثبتها ، فقد اشترط على نفسه أن لا يأخذ العلم إلاّ على ثقات عدول وأئمة عرفوا دينهم وعلمهم .
كان الإمام مالك رضي الله عنه دؤوبا على طلب العلم وصرف نفسه إليه في جد ونشاط وصبر ، يترقب أوقات خروج العلماء من منازلهم إلى المسجد . وقد حدث الإمام مالك عن نفسه فقال : " إنه انقطع إلى ابن هرمز سبع سنين لم يخلطه بغيره " وانه كان يلازمه من بكرة النهار إلى الليل ، وقد رأى فيه ابن هرمز النجابة وتنبأ له بمستقبل زاهر ، فقد قال لجاريته يوما : " من بالباب " ؟ فلم تر إلا ملكا ، فقالت : " ما ثم إلا ذاك الأشقر ، فقال : " أدعيه فذلك عالم الناس " .
كما كان مالك رضي الله عنه لا يستجم في وقت تحسن فيه الراحة إن وجد في ذلك الوقت فرصة لطلب العلم لا يجدها في غيره ، وقد قال رضي الله عن : " شهدت العيد ، فقلت : هذا يوم يخلو فيه ابن شهاب ، فانصرفت من المصلي حتى جلست على بابه فسمعته يقول لجاريته : انظري من بالباب ، فسمعتها تقول له : هو ذاك الأشقر مالك . قال : أدخليه ، فدخلت ، فقال : ما أراك انصرفت بعد إلى منزلك ؟ قلت : لا ، قال هل أكلت شيئا ؟ قلت : لا ، قال : أتريد طعاما ، قلت : لا حاجة لي فيه ، قال : فما تريد ؟ قلت : تحدثني ، قال : هات ، فأخرجت ألواحي ، فحدثني بأربعين حديثا ، فقلت : زدني ، قال : حسبك إن كنت رويت هذه الأحاديث فأنت من الحفاظ ، قلت : قد رويتها فجذب الألواح من يدي ، ثم قال : حدث ، فحدثته بها فردها إلي وقال : قم أنت من أوعية العلم . "
وهكذا نجد أن مالكا لم يدخر جهدا في طلب العلم كما أنه لم يدخر في سبيله مالا حتى لقد قال لتلميذه ابن القاسم : " أفضى بمالك طلب العلم إلى أن نقض سقف بيته فباع خشبه ثم مالت عليه الدنيا من بعد ."
ولما نضج فكر مالك رضي الله عنه واستوت رجولته جلس في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم للدرس والإفتاء ، وذلك بعد أن استوثق من رأي شيوخه فيه وإقرارهم بأنه لذلك أهل ، ولقد قال رضي الله عنه : " ما جلست للحديث والفتوى حتى شهد لي سبعون شيخا من أهل العلم أني موضع لذلك ومنهم الزهري وربيعة " .
وكان ردد كلمته الرائعة :" لا خير فيمن يرى نفسه في حال لا يراه الناس لها أهلا ."
وكان الإمام مالك رضي الله عنه لا يروي إلا عن الثقات ، حتى قال الإمام النسائي : " أمناء الله على علم رسول الله صلى الله عليه وسلم : شعبة بن الحجاج ، ومالك بن أنس ، ويحي بن سعيد القطان " .
وقد إلتزم مالك في درسه السكينة والوقار والابتعاد عن لغو القول ومالا يحسن بمثله وكان يقول : " من آداب العالم ألا يضحك إلاّ تبسما " وما كان ذلك فيه لجفوة في نفسه بل كان يأخذ نفسه بذلك احتراما للدرس والحديث . قال بعض تلامذته : " كان مالك إذا جلس معنا كأنه واحد منا ، يتبسط معنا في الحديث ، وهو أشد تواضعا منا له ، فإذا أخذ في الحديث – أي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم – تهيبنا كلامه ، وكأنه ما عرفنا ولا عرفناه ."
وكان مع أنه النبيل ذو السّمت الحسن في عامة أحواله كان في درسه يعطي نفسه عند التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم سمتا أحسن ومظهرا أروع ، فكان إذا تحدث توضأ وتهيأ ، ولبس أحسن ثيابه ، ولم يكن يجلس على المنصة إلا إذا حدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يوضع عود بالمجلس ، فلا يزال يبحر حتى يفرغ الحديث الشريف .
وكان رضي الله عنه يعني في درسه بأن يجيب عن المسائل الواقعة ، ولا يحب أن يسير وراء الفرض و التقدير . وقد سأله عن مسألة فرية ، فقال : " سل عما يكون ، ودع ما لم يكن " وسأله أخر عن مسألة أخرى فلم يجبه فقال له : لم لا تجبني ؟ فقال : " لو سألت عما ينتفع به لأجبتك . "
وكان رضي الله عنه يقول : " لا أحب من الكلام إلا ما كان تحته عمل . "
وكان رضي الله عنه إذا سأل عن مسألة لا يعلمها يقول : " لا أدري " ، وقد أخذ هذه الكلمة عن شيخه ابن هرمز رضي الله عنه فقد حدث عن شيخه فقال : " سمعت ابن هرمز يقول : ينبغي أن يورث العالم جلساءه قول لا أدري ، حتى يكون ذلك أصلا في أيديهم يفزعون إليه . فإذا سئل أحدهم لا يدري ، قال لا أدري . "
وكان رضي الله عنه يقول : " بلغني أن العلماء يسألون يوم القيامة عما يسأل عنه الأنبياء . "
كما كان بقول : " العلم أية محكمة أو سنة مبنية ثابتة أو : لا أدري . "
وكان من طريقة الإمام مالك في فقهه ، أن يقدم القرآن أو لا وقبل كل شيء ، ويستعين في فهمه بالحديث والسنة ، ولكنه كان – كما ذكرنا – يدقق في رواية الحديث ، حتى لا يختلط صحيح بغير صحيح ، وهو يعد عمل أهل المدينة حجة ، ومصدرا من مصادر الفقه الهامة ، وهو يلتزم السنة ولا يفارقها إلى الإفتاء ، وكان كثير ما يردد البيت التالي :
وخير أمور الدين ما كان سنة * وشر الأمور المحدثات البدائع
وبعد الكتاب والسنة ، كان يأخذ بفتوى الصحابة ، رضي الله عنهم ، لأنهم هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار . وقد شاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصاحبوه ، وسمعوا منه وأخذوا عنه . كما كان يأخذ بالإجماع ، ويقصد به ما اجمع عليه أهل الفقه والعلم .
وكان الإمام مالك إذا لم يجد نصا ، يأخذ بالقياس ، والاستحسان ، والعرف وسد الذرائع ، والمصالح المرسلة ( أي المطلقة غير المقيدة ) ، ولكنه يشترط في الأخذ بالمصالح المرسلة عدة شروط منها :
1 . ألا تنافي المصلحة أصلا من أصول الإسلام ، ولا دليلا قطعيا من أدلته .
2 . أن تكون المصلحة مقبولة عند ذوي العقول .
3 . أن يرتفع بها الحرج ، لقوله تعالى : ﴿ وما جعل عليكم في الدين من حرج ﴾ ( الحج : 78 )
منزلته العلمية :
وهكذا نرى أن مالكا رضي الله عنه قد بلغ من علم السنة الذروة ، ومن الفقه درجة صار فيها فقيه الحجاز الأوحد ، حتى إن حماد بن زيد كان يقول لرجل جاءه في مسألة اختلف فيها الناس : " يا أخي إن أردت السلامة لدينك فسل عالم المدينة وأصغ إلى قوله فإنه حجة بين الناس . "
وقد نال مالك رضي الله عنه من ثناء العلماء حظا وافرا ، فقال في حقه الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه : " ما رأيت أسرع منه بجواب ونقد تام . "
وشهد له بالفضل أبو يوسف فكان يقول فيه :" ما رأيت أعلم من ثلاثة : مالك و ابن أبي ليلى وأبي حنيفة " إذ كان الأخيران شيخيه فوضع مالك في مرتبتهما .
وقال في شأنه تلميذه الإمام الشافعي رضي الله عنه :" مالك حجة الله على خلقه بعد التابعين ، ومالك أستاذي ، وعنه أخذت العلم ، ومالك معلمي ، وما أحد أمن علي من مالك ، وجعلته حجة فيما بيني وبن الله . "
وقال فيه أيضا : " إذا ذكر العلماء فمالك النجم " ، وكذلك قال فيه : " إذا جاءك الحديث عن مالك فشد يديك عليه "
وقال الإمام أحمد بن حنبل فيه : " مالك سيد من سادات أهل العلم ، وهو إمام في الحديث والفقه ، ومن مثل مالك ؟ متبع لأثار من مضى ، مع عقل وأدب . "
وقد تأول التابعون وتابعو التابعين في الإمام مالك رضي الله عنه بأنه العالم الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف : ( يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم ، فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة ) الترمذي .
و أخرج ابن عبد البر وغيره عن مصعب بن عبد الله الزبيري عن أبيه قال : " كنت جالسا بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مالك ، فجاء رجل فقال : أيكم أبو عبد الله مالك ؟ فقالوا : هذا ؛ فجاء فسلم عليه واعتنقه وقبله بين عينيه وضمه إلى صدره وقال : والله لقد رأيت البارحة رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في هذا الموضع فقال : هاتوا مالكا ، فأتى بك ترعد فرائصك ، فقال : ليس عليك بأس يا أبا عبد الله وكناك وقال : اجلس فجلست ، فقال : افتح حجرك ففتحت فملأه مسكا منثورا وقال : ضمه إليك وبثه في أمتي ، فبكى مالك طويلا وقال الرؤيا تسر ولا تعز ، وإن صدقت رؤياك فهو العلم الذي أودعني الله . "
لذلك لا نعجب ، إذا علمنا أن الناس كان يشدون الرحال إليه ، من جميع البلاد الإسلامية ، ويزدحمون على بابه طلبا للعلم .
وشهدت القرون بفضله ومكانته وبأن فقهه يحمل عناصر العالمية والتقدم ، ففي المغرب العربي مثلا كانت حياته وما فيها من ملامح قوية موضع الأسوة و القدوة فدرسوها في مدارسهم صغارا وكانت المثل الأعلى لهم كبارا . وبفقه ساس المغرب خلفاؤه وحكم قضاته ، وبهديه دعا مرشدوه ، فكان مالك رضي الله عنه للمغرب العربي المظهر الكامل للإسلام عروبة ودينا .
وقد تهيأت الأسباب ليكون الإمام مالك بهذا القدر من العلم : فمواهبه وصفاته الشخصية ، وشيوخه ودراساته، وعصره وبيئته ، كل هذا هيأ له أسباب العلم ، فأغترف من بحاره ، ولنذكر في كل واحد من هذه الأسباب كلمة تكشفه وتجليه .
مواهبه وصفاته : لقد أتى الله مالكا من الصفات والمواهب ما جعل منه محدثا وفقهيا يأخذ سمته في الإتجاه المستقيم والسير في ضوء القرآن والسنة ، وآثار السلف الصالح :
أ – لقد آتاه الله حافظة تعي ، فإذا استمع إلى شيء استمع إليه في حرص ووعاه وعيا تاما ، حتى إنه ليسمع نيفا وأربعين حديثا مرة واحدة فيلقيها على من استمعها منه مباشرة ولا يضل منه إلا النيف .
ب – والصفة الثانية التي اتصف بها مالك رضي الله عنه وكانت أساسا لنبوغه ، هي الصبر والجلد والمثابرة ، ومغالبة المعوقات في الوصول إلى الغاية . ولذلك كان رضي الله عنه يقول : " لا يبلغ أحد ما يريد من هذا العلم ، حتى يضرّ به الفقر ويؤثره على كل حال ."
ج – والصفة الثالثة التي كانت من أسباب إدراكه للحقائق وفهمه للحديث وكتاب الله تعالى هي الإخلاص في طلب العلم ، فقد طلبه لذات الله ، ونقى نفسه من كل الشوائب الغرض والهوى في دراسته و أثرعنه أنه كان يقولSad العلم نور لا يأنس إلا بقلب تقي خاشع ) وكان يقول أيضاSadما زهد أحد في الدنيا إلا أنطقه الله بالحكمة ) .
د- ومن المواهب التي أعطاها الله مالكا أيضا قوة الفراسة و النفاذ على بوطن الأمور ، و إلى نفوس الأشخاص يعرف ما تكن نفوسهم من حركات جوارحهم ، ومن لحن أقوالهم ، ولقد قال أحد تلاميذه ( كان في مالك فراسة لا تخطئ ) .
ه- و هناك في مالك صفة خاصة هي جماع ما وهب الله من صفات و هي المهابة ، وكان له مجلس أقوى تأثير من مجلس السلطان من غير أن يكون صاحب سلطان ، وقد إجتمع به سفيان الثوري رضي الله عنه ، وهو من قرنائه أصحاب المذاهب ، فسئل عما رآه الإمام مالك ، فقال سفيان مادحا له :
يأبى الجواب فما يرجع هيبــة و السائلون نواكـس الأذقان .
أدب الوقار و عز سلطان التقى وهو المطاع و ليس ذا سلطان .
و لا يمكن أن تسند هذه المهابة إلا قوة الروح ، وقد أعطى الله سبحانه وتعالى مالكا لهذه الهبة الروحية التي جعلت له سلطانا عن النفوس و إجتذابا للقلوب ..و على جانب هذا أعطاه الله بسطة في الجسم حتى أن تلميذه الزبيري يقول : كان مالك من أحسن الناس وها و أحلاهم عينا و أنقاهم بياضا و أتمهم طولا في جودة البدن i . و بهذا كانت صفاته الجسمية و العقلية و أحواله تلقى المهابة في نفس من يعرفه و يلقاه.
شيوخه :
جاء مالك في عصر الدولة الأموية ، و قد كثر العلماء في المدينة ، فأخذ يستقي العلم من شيوخهم غلاما صبيا ، حتى إذا ما شدا في العلم أخذ ينتقي من يأخذ عنهم العلم والحديث وكان يقول : " إنّ هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون منه ، لقد أدركت سبعين ممن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذه الأساطين – وأشار إلى المسجد – فما أخذت عنهم شيئا . وإن أحدهم لو أؤتمن على بيت مال لكان أمينا ، إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن " .
ونستطيع تقسيم شيوخ مالك رضي الله عنه إلى قسمين أحدهما : أخذ عنه الفقه كربيعة الرأي بن عبد الرحمان ويحي بن سعيد ، والآخر أخذ عنه الحديث مثل نافع وأبي الزناد وابن شهاب . أما إبن هرمز فقد أخذ منه ما يعد تثقيفا عاما مع علم الرواية .
واخذ الإمام مالك عن كثيرين غير هؤلاء الذين ذكرناهم ، حتى جاء في بعض الروايات أن شيوخه جاوزوا تسعمائة من تابعي التابعين .
دراساته واختباراته الخاصة : بعد أن تخرج مالك على العلماء لم يقف علمه عند ذلك بل نمّاه ، ونقحه باتصاله العلمي بعلماء عصره ( منهم الليث بن سعد ) . وهو وإن لم يبرح المدينة إلا حاجا ، إلا أن الناس كانوا يأتونه في وسم الحج أفواجا أفواجا من كل فج عميق . فوقف منهم على أحوال البلاد المختلفة ، والعرف السائد فيها ، ومن ثم جاء فقهه خصبا ، يتسع في أصوله ، لمختلف البيئات والأزمنة .
ما أن تلاميذه الذين جاءوه من بلادهم ، وتفقهوا بالمدينة على يديه ، عادوا إلى بلادهم ، فنشروا فيها فتاويه ومسائله وراسله في مسائل شتى عرضت لهم في بلادهم ، فاتسع مذهبه ، وكثرت فروعه في أمور واقعة بالفعل ، وتتصل بمصالح الناس .
عصره : ولد مالك رضي الله عنه في عهد الوليد بن عبد الملك وتوفي في عهد الرشيد ، فعاش أربعين سنة في العصر الأموي يكوّن نفسه ويربيها وستا وأربعين في العصر العباسي يكوّن التلاميذ ويغذيهم وقد وقف الإمام على حقيقة ما وقع في تلك العهود من اضطرابات سياسية ومنازعات فكرية ، فأبى أن يزج نفسه في المعركة القائمة فبقى متحفظا ، ووصف بأنه كان أعظم الخلق مروءة وأكثرهم صمتا ، قليل الكلام ، متحفظا بلسانه من الناس مداراة للناس .
وقد ظهر في عصره تميّز كل مدينة بناحية من نواحي الفكر : فالبصرة بالعقيدة ومن علمائها الحسن البصر ، والكوفة بالفقه العراقي الذي يقوم على آثار ابن مسعود رضي الله عنه ، وآراء إبراهيم النخعي ومدرسته التي يقوم عليها حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة ،ودمشق وكان فقهها يقوم على تعرف آثار الصحابة والتابعين ويمثله الأوزاعي ، أما المدينة كان بها الحديث وبها آثار السلف الصالح وآراء الصحابة كعمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهما، ارتضاها مالك رضي الله عنه مقاما له ، شهد فيها كل أعراف الناس ، وصور معاملاتهم في الجملة ، ومعايشهم وأحوالهم الاجتماعية ، فكان لهذا الأثر الأكبر في فقهه الذي جاء ملبيا لحاجات الناس ومصالحهم .
وفي الحقيقة إنه في عصر الإمام مالك قد ابتدأت المدارس الفقهية تتلاقى ، وأخذت المعارف بينها تتبادل . فكان يجتمع الشيوخ من كل البلدان في موسم الحج يتذاكرون ويتبادلون أنواع المعارف المتصلة بعلم الأثر وعلم الفقه ، فهذا أبو حنيفة رضي الله عنه يلتقي بمالك وكلاهما شيخ مدرسة ويتحدثان في المسائل الفقهية ويتفرقان وكلاهما يقدر رأي صاحبه ، وهذا الليث بن سعد يتذاكر العلم مع مالك بالخطاب وبالكتاب ، فيأخذ كل منهما مما عند الآخر .
وهكذا جاء مالك في عصر كان فيه الفقه قد نضج واستوى على سوقه ، فاستطاع بفطنته وقوة عقله أن يتغذى من كل عناصره ، ليخرج على الناس بآرائه وفقهه .
معيشته وعلاقته بالحكام :
لم تذكر كتب المناقب والأخبار موارد رزق مالك رضي الله عنه موضحة مبينة ، ولكن يرجح أن مالكا كان من مرتزقة التجارة فلقد قال إبن القاسم تلميذه Sad( إنه كان لمالك أربعمائة دينار يتاجر بها ، فمنها كان قوام عيشه )) . إلا أن مالكا لم يكن من المتزهدين في أموال الخلفاء ، ة إن كان يتعفف عن الأخذ ممن دونه ، ويظهر أنه كان يتقبلها على مضض ليحفض مروءة ، ويدفع حاجته ، وما كانت توجبه عليه مكانته الاجتماعية من إيواء لفقراء الطلاب وسد لحاجة المحتاجين . فهو يقبل هدايا الخلفاء بهذه النية ، ويظهر أنه مع ذلك الغرض الحسن كان يرى فيها شيئا ولذلك كان ينهى غيره عن قبولها .
ويبد أن مالكا رضي الله عنه كان في أول الأمر في عسرة شديدة ، سببها انقطاع لطلب العلم وإهماله مورد رزقه حتى أن ابنته كانت تبكي من الجوع أحيانا ،ثم مالت عليه الدنيا من بعد وأتم الله عليه نعمته وأعطاه اليسر فكان رضي الله عنه يعنى بلباسه وطعامه ومسكنه ، وبكل ظاهر حاله ، فكان يلبس أحسن الثياب ويأكل أطيب الطعام ،حتى كان بأكل اللحم يوميا . وكان بيته مزودا بأفخر الرياش ، وكان بقول : " ما أحب لامرئ أنعم الله عليه ألا يرى أثر نعمته عليه ، وخاصة أهل العلم ، ينبغي لهم أن يظهروا مروءتهم في ثيابهم إجلالا للعلم ".
وقد عابوا عليه تلك المعيشة الرغدة ،وقالوا إنها معيشة أمراء ، وليست معيشة علماء فكان رده عليهم أنه يعيش تلك العيشة تأويلا لقوله تعالى : ] قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون [ ( الأعراف : 32 ) .
وكان رضي الله عنه يقدس المدينة ويجلها ، ولا يركب فيها دابة ويقول في ذلك : " كيف أطأ بحافر دابة أرضا تضم جدث رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وقد طلب إليه الرشيد أن يخرج معه إلى العراق فقال له : " أما الخروج معك فلا سبيل إليه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون " ، وكان الرشيد أعطاه ثلاثة ألاف دينار فقال للرشيد عندئذ : " هذه دنانيركم كما هي ، فلا أوثر الدنيا عن مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم : .
وكان رضي الله عنـه يرى دخول العلماء على السلاطين لدعوتهم إلى الخير ونهيهم عن الشر ، وكان يقول : " إنما يدخل العالم على السلطان لذلك " . ولما قال له بعض تلاميذه : إن الناس يستكثرون دخولك على الأمراء أجاب : " لو كان أني آتيهم للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه المدينة سنة معمولا بها " .
وقد وعظ رضي الله عنه الخليفة العباسي المهدي ، حينما طلب منه أن يوصيه فقال له : " أوصيك بتقوى الله وحده ، والعطف على أهل بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجيرانه ، فإنه بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المدينة مهاجري ، وبها قبري ، وبها مبعثي ، وأهلها جيراني ، وحقيق على أمتي حفظي في جيراني ، فمن حفظهم كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة " .
وكان الإمام مالك رضي الله عنه يحرص مراعاة الأدب في رحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد ناقشه مرة الخليفة المنصور بجوار القبر النبوي الشريف ، فارتفع صوت أبي جعفر المنصور في المناقشة ، فقال له الإمام مالك : يا أمير المؤمنين ، إن الله أدب قوما فقال : ] يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي[ ( الحجرات : 2 ) ، ومدح قوما فقال : ] إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن لله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم [ ( الحجرات : 3 ) ، فاضطر المنصور أن يذعن ويخفض صوته .
محنته :
نزلت بمالك رضي الله عنه المحنة في العصر العباسي ، في عهد أبي جعفر المنصور ، حين اعتدى عليه بالضرب والي المدية المنورة ، وكان بن عم الخليفة المنصور . وكان الوشاة قد وشوا بالإمام مالك سنة 146 هـ ، وقالوا له : إن مالكا يفتي بأنه لا يمين على مستكره ، وهذا معناه أن ما أبرمتموه من بيعة الناس بالاستكراه ينقضه الإمام مالك بفتواه ، فأمر الوالي بإحضاره وضربه سبعين صوتا ، أرهقته وأضجعته .
ولمكانة الإمام مالك في قلوب المسلمين اهتزت جنبات المدينة المنورة ، وثار الناس وهاجوا ، فخاف الخليفة ثورة أهل الحجاز ، فأرسل للإمام مالك يستقدمه إلى العراق ، فاعتذر الإمام مالك ، فطلب إليه الخليفة أن يقابله في منى في موسم الحج ، فلما دخل الإمام على الخليفة ، نزل المنصور من مجلسه إلى البساط ، ورحب بالإمام وقبره ، وقال يعتذر إليه عن ضربه وإيذائه : " والله الذي لا إله إلا هو ، يا أبا عبد الله ، ما أمرت بالذي كان ، ولا علمته قبل أن يكون ، ولا رضينه إذ بلغني ، يا أبا عبد الله لا يزال أهل الحرمين بخير ما كنت بين أظهرهم ، وإني أخالك أمانا لهم من عذاب الله وسطوته ، ولقد رفع الله بك عنهم وقعة عظيمة ، وقد أمرت أن يؤتى بجعفر – الوالي – عدو الله من المدينة على قتب ( بردعة صغيرة ) وأمرت بضيق محبس ، والمبالغة في امتهانه ، ولابد أن أنزل به من العقوبة أضعاف ما ناله منك فرد الإمام مالك رضي الله عنه : " عفا الله أمير المؤمنين وأكرم مثواه ، قد عفوت عنه لقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابة منك " .
كتبه :
كان المجتهدون في عصر الصحابة يمتنعون عن تدوين فتاويهم ليبقى المدون من أصول الدين كتاب الله وحده ، ثم اضطر العلماء لتدوين السنة وتدوين الفتوى والفقه ، إلا أن هذه المجموعات لم تكن كتبا بل كانت أشبه بالمذكرات الخاصة ، وكان أقدم مؤلف موطأ الإمام مالك رضي الله عنه .
ولم يكن لمالك رضي الله عنه الموطأ فقط بل تنسب له مؤلفات أخرى أهمها :
تفسير لطيف وكتاب المجالسات لابن وهب فيما سمعه من مالك في مجالسه ، ولكن لم يشتهر عنه إلا المؤطأ فقط وسائر مؤلفاته إنما رواها عنه من كتب بها إليه ، وكلها لم تنتشر بين الناس .
والكتابان اللذان يعدان أصلين في مذهب الإمام مالك هما : الموطأ والمدونة الكبرى وهما جامعان لفقهه جمعا تاما في الجملة .
أما الموطأ ، فهو كتاب ألفه الإمام – مالك كما ذكرنا – وجمع فيها الصحاح من الأحاديث والأخبار والآثار وفتاوى الصحابة والتابعين ، وذكر الرأي الذي يراه . وقد ألفه في أربعين سنة ، وذلك ما يدلنا على مدى مجهوده فيه . وبحسب كتاب الموطأ أن يقول فيه الإمام الشافعي رضي الله عنه : " ما في الأرض كتاب من العلم أكثر صوابا من موطأ مالك ".
ويقول أحد تلامذة الإمام مالك : عرضنا على مالك الموطأ قراءة في أربعين يوما ، فقال : " كتاب ألفته في أربعين سنة أخذتموه في أربعين يوما ، ما أقل ما تفقهون فيه " . وقد قال القاضي أبو بكر بن العربي : " الموطأ هو الأصل والباب ، وكتاب البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب ، وعليهما بنى الجميع كمسلم والترميذي" وقال الإمام النسائي : " ما عندي بعد التابعين أنبل من مالك ولا أجل منه ولا أوثق ، ولآما على الحديث ، ولا أقل رواية من الضعفاء " .
وأما المدونة الكبرى ، فقد رواها الإمام سحنون من بعده ، وجمع فيها آراء الإمام مالك بالنص . وهو إن لم يدرك الإمام ، لكنه أدرك تلميذه الإمام عبد الرحمن بن القاسم ، وعنه أخذ الإمام سحنون العلم . وكان يسأل ابن القاسم فيجيبه ، فيقول له : هل سمعت ذلك من مالك ؟ يقول نعم سمعته ، وأحيانا يقول :لم أسمع ، ولكن هذا رأيي في المسألة . فأثبت الإمام سحنون ما تلقاه من بن القاسم في المدونة الكبرى ( أربعة مجلدات كبار ) فجمعت المدونة فتاوى الإمام وفتاوى أصحابه الذين ساروا على منهاجه وكانت الصورة للمذهب المالكي الذي اشتق فقه الرأي فيه من الحياة الواقعية ، وقام على أساس جلب أكبر قدر من المنافع ، ودفع أكبر قدر من المضار . ولم يشأ الإمام مالك أن يحمل الناس كلهم على مذهبه كما أراد هارون الرشيد بل بيّن أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اختلفوا في الفروع ، وتفرقوا في البلدان ، كل عند نفسه مصيب كما بين أن اختلافهم رحمة على هذه الأمة كل يدفع ما يصح عندهم ، وكل على هدى ، وكل يريد وجه الله ، ولو شاء مالك رضي الله عنه لتمكن من جمع الناس على الموطأ ، ولكنه لم يفعل لأنه كان يريد وجه الله ، وينظر لصالح الأمة العام ، ولا ينظر لنفسه .
وهذه النظرة الكريمة من الإمام مالك ، تعلمنا أن لا نتعصب لمذهب دون مذهب . ومن تيسرت له دراسة مذهب من المذاهب الأربعة ، فليتبعه محترما بقية المذاهب ، كما احترم أصحاب المذاهب بعضهم بعضا .
فأصحاب المذاهب كلهم أئمتنا ، وكلهم ذخر لأمتنا ، والجماعة رحمة والفرقة عذاب ، ويد الله مع الجماعة .
تلاميذه :
وهم المصدر الثاني لفقهه ، و قد كانوا كثيرين جدا جاؤوا من شتى البقاع الإسلامية ، وتفقهوا على يديه ، ثم عادوا إلى بلادهم وكانوا رسله إلى تلك البلاد النائية ، فانتشر مذهبه في حياته أيّما انتشار ، خاصة وأن الله تعالى مد له في عمره . نذكر من هؤلاء :
- عبد الله بن وهب : نشر فقه مالك في مصر .
- عبد الرحمن بن القاسم : لازم مالكا نحو عشرين سنة وتفقه بفقهه حتى صار يُرجع إليه في مسائل مالك فتاويه .
- أشهب بن عبد العزيز القيسي العامري : صحب مالكا وتفقه عليه ، وله مدونة يقال لها مدونة أشهب.
- أسد بن فرات بن سنان : جمع بين فقه المدينة وفقه العراق .
- عبد الملك بن ماجشون : وكان فقيها ، فصيحا ، دارت عليه الفتيا في زمانه إلى موته .
- عبد الله بن عبد الحكم بن أعين .
- عبد الملك بن حبيب الأندلسي .
هؤلاء جميعا هم تلاميذ مالك رضي الله عنه البارزون في نقل فقهه ونشره في البلاد المتسعة المترامية الأطراف .
أولاده :
وهم أربعة : يحيى وفاطمة ومحمد وحماد . فيحيى روى عن أبيه نسخة الموطأ ، ورحل إلى اليمن ومصر وحدث فيهما . أما فاطمة فكانت من تلاميذه ، وكانت محدّثة وحافظة .
مرضه ووفاته :

لقد شاء الله أن يمرض الإمام مالك بسلس البول ، فنقل درسه من الحرم النبوي إلى منزله . وواصل العلم والحديث ، والدرس ، والإفتاء،إلى نهاية أجله المبارك ومات في الليلة الرابعة عشر من ربيع الثاني سنة 179هـ بعد أن مرض اثنين وعشرين يوما لزم فيها الفراش .

ولم يخبر رضي الله عنه أحدا بمرضه وسبب انقطاعه عن الحرم النبوي إلا يوم وفاته . فقد قال لزواره : " لو لا أني في آخر يوم ما أخبركم بسلس البول ، كرهت أن آتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير وضوء ، وكرهت أن أذكر علّتي فأشكو ربّي " .

وقد هاجت بوفاته الأحزان لدى الأدباء والعلماء ، ومما قل في رثائه :ومالي لا أبتكي عليه وقد بكت عليه الثريا والنجـوم الشوابك
بكيت بدمع واكف فققد مالك ففي فقده ضاقت علينا المسالك
اما عن منهج الإمام مالك
ما تشابه من نصوص القرآن والسنة
قال الله تعالىSadهو الذي أنزل عليك الكتب منه آيات محكمت هن أم الكتب وأخر متشابهت فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشبه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألبب) (7) سورة آل عمران
واقع المسلمين اليوم يدعو إلى دراسة المنهج العلمي الرصين في التعامل مع ما تشابه من نصوص القرآن والسنة. فقد فتن بعض شباب المسلمين في هذا العصر بكثرة الكتيبات والمطويات التي تنسب بسبب الاختلاف في هذه المسألة كثيرا من علماء المسلمين إلى البدعة ومخالفة السنة والزيغ في العقيدة.
ومازال المشفقون على أمة محمد صلى الله عليه وسلم يتحرجون من الخوض في هذه المسألة تجنبا لإثارة الفتنة بين المسلمين. ولكن لم يعد هذا التحرج مقبولا فقد تأثر كثير من العوام بما فيها من سوء الظن بأكابر العلماء والفقهاء والمحدثين.
الموضوع الأصلى من هنا: منتدى نور القلوب ومن العجب أن الطعن بالعلماء قد استشرى بين من يدعي الانتساب إلى الحديث الشريف والاقتداء بالسلف حتى شمل بعض أئمة السلف والحديث. فلم يسلم من طعنهم كبار المحدثين الذين لم يعرفوا طوال تاريخنا الفكري إلا بالإمامة واتباع السنة كالحافظ البيهقي(458هـ)([1]) والحافظ النووي(676هـ)([2]) والحافظ ابن حجر(852هـ)([3]) وأمثالهم. فما أعجب أن ينسب أمثال هؤلاء إلى البدعة والزيغ في الاعتقاد وقد أفنوا أعمارهم في خدمة السنة، وتطاولت أزمان وتعاقبت أجيال والأمة لا تذكرهم إلا بخير ما يذكر به أهل حديث النبي صلى الله عليه وسلم. حتى نبتت هذه النابتة الخطيرة. وما نقموا منهم إلا الخلاف في هذه المسألة.
ومما يدل على أهمية هذه المسألة ويشهد على أن رفع الخلاف فيها يرفع الخلاف في غيرها أن ابن تيمية رحمه الله تعالى حكى مناظرة دعاه إليها أحد المخالفين له فقال...فتواعدنا يوما فكان فيما تفاوضنا أن أمهات المسائل التي خالف فيها متأخرو المتكلمين ممن ينتحل مذهب الأشعرى لأهل الحديث ثلاثُ مسائل: وصف الله بالعلو على العرش، ومسألة القرآن، ومسألة تأويل الصفات. فقلت له نبدأ بالكلام على مسألة تأويل الصفات، فإنها الأم والباقى من المسائل فرع عليها)([4])
فما أحوج المسلمين اليوم إلى أن يعيدوا النظر في هذه المسألة ليعرفوا مدى الحرج والإثم الذي وقع به من أعمل في المسلمين معول التبديع والسب والتفريق. وهل يستحق الخلاف في هذه المسألة أن يرتب عليه أحد المعاصرين حكما قال فيهأما كون الأشاعرة لم يخرجوا عن الإسلام فهذا صحيح، هم من جملة المسلمين وأما أنهم من أهل السنة والجماعة فلا لأنهم يخالفون أهل السنة والجماعة في إثبات الصفات من غير تأويل)([5]) وهل نقبل قول ابن القيم ..بل الذي بين أهل الحديث والجهمية من الحرب أعظم مما بين عسكر الكفر وعسكر الإسلام)([6])
وقد لاحظت أن ابن تيمية رحمه الله تعالى ومن تابعه على رأيه في هذه المسألة يعترفون للإمام مالك رحمه الله تعالى بالإمامة ولا ينازعون في عده من جملة السلف الصالح. ووجدتهم يكثرون من النقل عنه في هذه المسألة ويرضون بالتحاكم إليه، ثم لاحظت بعد ذلك أنهم لم يتحروا في النقل عنه ولم يصيبوا في الفهم عنه أيضا. وقد أفرد أحد المعاصرين بحثا خاصا لتلك الحادثة المشهورة التي سئل فيها الإمام عن الإستواء، وساعدنا الباحث بذكر الدوافع التي شجعته على هذه الدراسة فذكر أنَّ هذا الأثر قد تلقّاه الناس بالقبول فقال: (أولا: هذا الأثر قد تلقّاه الناس بالقبول فليس في أهل السنة والجماعة من ينكره، كما يذكر ذلك شيخُ الإسلام ابنُ تيمية - رحمه الله -([7]) بل إنَّ أهل العلم قد ائتمّوا به واستجودوه واستحسنوه([8]) .ثانياً: أنَّه من أنبل جواب وقع في هذه المسألة وأشدّه استيعاباً...([9]).ثالثاً: أنَّ قوله هذا ليس خاصّاً بصفة الاستواء، بل هو بمثابة القاعدة التي يمكن أن تُقال في جميع الصفات)([10])
ثم لاح لي بعد هذا الاتفاق سبيل يرفع النزاع في هذه المسألة الموصوفة بكونها كالأم لما سواها من المسائل. خاصة بعد أن اتفق الفريقان على أن قول الإمام فيها هو القاعدة وهو القول الأنبل. فإذا اتفقنا على ذلك فقعد تعين تحرير النقل وتصحيح الفهم عن الإمام ليرتفع الخلاف والنزاع ولا يبقى لمسلم عذر في نهش علوم الأكابر أو في السكوت على ذلك.
وأول خطوة في هذه السبيل أن نجهر معهم بالاعتراف بما اعترفوا به للإمام وأن نشهد على ما شهدوا له به وأن نشد على أيديهم في الدعوة إلى الإقتداء به في هذه المسألة. وأن نشير إلى شهادات السلف والسلفيين التي تعزز الاستمساك برأي الإمام. ولنقدم لذلك كله بلمحة سريعة نبحث فيها عن أول ظهور لهذه المسألة في تاريخنا الفكري وعن الموضع الذي تشعبت منه الآراء والمناهج. على أن نزن هذه المذاهب بميزان الدليل، ونقارن كلا منها بما صح سنده عن الإمام في هذه المسألة حتى نتبين الموافق منها والمخالف. ويتعين تفصيل هذا القول في نقاط.
أولا: لمحة في ظهور هذه المسألة وظهور الاختلاف فيها.
ثانيا: شهادة كبار المحدثين للإمام بما يعزز التحاكم إلى رأيه في هذه المسألة:
ثالثا: رأي الإمام مالك رحمه الله تعالى في هذه المسألة.

أولا: لمحة في ظهور هذه المسألة وظهور الاختلاف فيها.
لا يخفى على أحد ما أحدثه اختلاطُ العرب بالعجم في صدر الرسالة من آثار في الفكر الإسلامي من جهة وفي اللغة العربية من جهة أخرى. فلما دخل في دين الإسلام أفواجٌ من أمم لم يتذوقوا بيان العربية وقفوا على بعض الألفاظ القرآنية مجردةً عن سياقها وسباقها، مثل قوله تعالى: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وقوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) ونحو ذلك من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة. فحمل بعضهم مثل هذه النصوص المتشابهة على ظاهرها وربطوا بين هذا الفهم وبين ما كانوا عليه من الاعتقاد في ذات الله عز وجل المختلط بالوثنية أو اليهودية المحرفة أو غيرها من العقائد الفاسدة. وصار وجود هذه الألفاظ في حقهم موهما لتشبيه الباري وتجسيمه.
ولهذا كان في السلف من ينكر التحديث بمثل هذه الأحاديث الموهمة إشفاقاً على هؤلاء العجم مِن توهمِ التجسيم. وفي ذلك يقول القاضي عياض(544هـ) رحمه الله: (..رحم الله الإمام مالكاً فلقد كره التحديث بمثل هذه الأحاديث الموهمة للتشبيه والمشكلةِ المعنى.. والنبي صلى الله عليه وسلم أوردها على قوم عرب يفهمون كلام العرب على وجهه وتصرفاتهم في حقيقته ومجازه واستعارته وبليغه وإيجازه فلم تكن في حقهم مشكلة، ثم جاء من غلبت عليه العجمة وداخلته الأمية فلا يكاد يفهم من مقاصد العرب إلا نصَّها وصريحها..فتفرقوا في تأويلها أو حملها على ظاهرها شذر مذر فمنهم من آمن ومنهم من كفر)([11])
وأول ظهور للخوض في هذه النصوص ينسب إلى مقاتل بن سليمان(150هـ) الذي جهر بمقالة التشبيه في خراسان فقال: إن الله جسم وله جوارح وأعضاء من يد ورجل وعينين.
وفي خراسان أيضا ظهر أول إنكار لمقالة مقاتل، إذ قام الجهم بن صفوان بالرد على مقاتل غير أنه أفرط في النفي كما أفرط خصمه في الإثبات. وجرت بين الفريقين مناظرات انتقل صداها إلى علماء المسلمين من السلف الصالح رضوان الله عليهم لما سارع العوام إليهم يسألون عن الحق في ما أحدثه هذا النزاع. وفي ذلك يقول الإمام أبو حنيفة(150هـ) رحمه الله: (أتانا من المشرق رأيان خبيثان، جهمٌ معطلٌ ومقاتلٌ مشبه)([12])
وكان موقف السلف في أول ظهور هذه البدعة يقتصر على إظهار الطعن والبراءة من الخائض فيها من الفريقين كما سبق عن الإمام أبي حنيفة([13])
ولعل موقف الإمام مالك من أبرز المواقف التي تمثل هذا الموقف في تلك الحادثة المشهورة التي أخرجها البيهقي: (أن رجلاً دخل على الإمام مالك فقال: يا أبا عبد الله " الرحمن على العرش استوى " كيف استواؤه؟ قال: فأطرق مالك وأخذته الرُّخصاء، ثم رفع رأسه فقال: الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجلُ سوءٍ صاحبُ بدعةٍ، أخرجوه، فأُخرج الرجل) وفي رواية (والكيف غير معقول)([14])
ولكن لما عمت البلوى وانتشرت البدعة نهض العلماء لقمعها وخاضوا في ما كرهوا الخوض فيه، وكانوا أغنى الخلق عن هذا البحث لولا انتشار البدعة، ولم يعد مقبولاً سكوت الأمة عن هذه البدعة فتعين على بعضها الفرض الكفائي في الذب عن السنة ومحاربة هذه البدعة.
واتفق الجميع على ترك السكوت فتكلم في ذلك من المحدثين والفقهاء والمتكلمين مَن تكلم حتى كثر فيه الكلام والاختلاف وتمايزت فيه فرقٌ ومقالات صارت مستقلة معروفة فيما بعد. وتباينت المواقف في القرب من أحد المذهبين. فظهرت المعتزلة التي أنكرت القول بالتجسيم والتشبيه ومالوا إلى رأي الجهم في نفي بعض الصفات والقول بخلق القرآن، ولما أفرط المعتزلة بالنفي قابلهم بعض المحدثين بالغلو في الإثبات فأثبتوا بعض الأخبار الواهية المنكرة وجمعوا الصحيح مع الضعيف المنكر في مصنفات جمعوا فيها ما يسمونه أخبار الصفات. ولم يكن هذا الإفراط المقابل بالتفريط إلا وبالاً على فكر المسلمين، تعمَّق به الخلاف والتنازع، واشتد به الصراع الفكري، وبعدت الشقة بين المتنازعين حتى أقبل القرن الرابع الهجري، وظهرت فيه التيارات الوسطية المعتدلة في عدد من بقاع العالم الإسلامي فظهرت الطحاوية في مصر على يد أبي جعفر الطحاوي،([15]) والماتريدية في سمرقند نسبة إلى الإمام أبي منصور الماتريدي،([16]) والأشاعرة في بغداد على يد الإمام أبي الحسن الأشعري. واستطاع المذهب الأشعري أن يسود ويغلب لأنه نشأ في عاصمة الخلافة بغداد وملتقى علماء الأمة ورجالها فسهل الله له منهم من يقوم بنصرة المذهب وتنقيحه وتأصيله.
وبظهور المذهب الأشعري انحسر تيار المعتزلة وتوالف المحدثون والحنابلة مع المتكلمين الأشاعرة. وانحصر خلاف العقلاء المتنزهين عن الهوى والعصبية في مثل تلك النصوص الموهمة في مسلكين: التفويض والتأويل، وأقام الأشاعرة هذين المسلكين على ثوابت العقل وصحيح النقل وشواهد العربية، ثم ظهر في الأمة من اختار مذهباً ملفقاً غير منضبط ولا ضابط وأغرب في عزو هذا المذهب المتأخر المستحدث إلى السلف الصالح. فلا بد من الحديث عن هذه المسالك الثلاثة.
ثانيا: مسالك العلماء في هذه المسألة
المسلك الأول: تفويض العلم بالمراد إلى الله عز وجل.
والمراد به الإيمان بما ورد مع صرف اللفظ الموهم عن ظاهره وردِّ العلم بالمراد منه إلى الله تعالى([17]) وهذا التفويض لابد فيه من أمور:
الأول: تنزيه الله عز وجل تصديقاً لقوله تعالى " ليس كمثله شيء " (11) سورة الشورى
الثاني: التصديق بما جاء في القرآن والسنة الصحيحة، وأنه حق على المعنى الذي أراده الله ورسوله.
الثالث: الاعتراف بالعجز عن معرفة ذات الله عز وجل والإحاطة بوصفه.
الرابع: السكوت عما سكت عليه السابقون الأولون، والكف عن السؤال عنه كما كفوا.
الخامس: الإمساك عن التصرف في تلك الألفاظ بتفسير أو ترجمة أو اشتقاق أو تفريع وقياس.
ونمسك عن تجريد اللفظ عن سياقه وسباقه لأن كل كلمة سابقةٍ ولاحقةٍ تؤثر في إفهام المراد فإذا انتهينا إلى قول الله عز وجل " وهو القاهر فوق عباده "(18) سورة الأنعام فلا نقول "هو فوق عباده " لأن لفظ القاهر قبله يشير إلى فوقية الرتبة والقهر، كما قال تعالى على لسان فرعون "وإنا فوقهم قاهرون"(127) من سورة الأعراف ونزعُ لفظِ القاهر يعطل هذا المعنى الذي يحتمله السياق احتمالاً قوياً ويوهم فوقيةً غيرَها لم يكن ليُفطن إليها لولا هذا التجريد عن السياق.([18])

المسلك الثاني: تفويض الكيفية
ومبنى هذا المسلك على إثبات الألفاظ الموهمة وعدِّها من صفات الله عز وجل وإثباتِ الكيفية مع نفي العلم بهذه الكيفية وتفويض العلم به إلى الله، وهو مشهور في مذهب ابن تيمية رحمه الله([19])
ويبنون هذا المسلك على ما ينسبونه إلى الإمام مالك رحمه الله أنه قال: الاستواء معلوم والكيف مجهول.([20])

المسلك الثالث: التأويل
ويراد به في هذه المسألة القطع بصرف اللفظ عن ظاهره الموهم مع بيان المعنى الذي يُظَن أنه مقصود([21]) ويقوم هذا المذهب على أسس نذكر منها:
أولاً: أنه لا يجوز صرف اللفظ عن ظاهره إلا عند قيام الدليل القاطع على أن ظاهره محال ممتنع ([22]) مثال ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن)([23]) قال الغزالي(505هـ): (حمله على الظاهر غير ممكن...إذ لو فتشنا عن قلوب المؤمنين لم نجد فيها أصابع فَعُلِمَ أنها كناية عن القدرة التي هي سر الأصابع، وكنِّي بالأصابع عن القدرة لأن ذلك أعظم وقعاً في تفهم تمام الاقتدار)([24]).
أما إذا كان إجراؤه على الظاهر غير محال فلا يجوز تأويله، ولذلك أنكر الغزالي على المعتزلة أنهم أولوا ما ورد من الأخبار في أحوال الآخرة كالميزان والصراط وغيرهما وقال: (هو بدعة، إذ لم ينقل ذلك بطريق الرواية، وإجراؤه على الظاهر غير محال فيجب إجراؤه على الظاهر)([25])
ثانياً: يشترط لصحة التأويل أن يكون موافقاً لأساليب اللغة وعرف الاستعمال جارياً على ما يقتضيه لسان العرب وما يفهمونه في خطاباتها.([26])
ثالثاً: يشترط لصحة التأويل أن لا يخالف أصلاً ثابتاً([27]) ومن هذا التأويل المخالف تأويل الاستواء بالاستقرار. لأنه لا يخفى أن في الاستقرار تشبيهاً بالمخلوق، ومفارقةً لتنزيه الباري عزّ وجلّ([28])
وإذا فرغنا من الكلام على هذه المسالك فقد تهيأ المقام لبيان ما اتفق عليه أهل هذه المسالك من الانتساب إلى الإمام مالك رحمه تعالى ومتابعته في هذه المسألة والتحاكم إلى رأيه فيها.

ثانيا: شهادة كبار المحدثين للإمام بما يعزز التحاكم إلى رأيه في هذه المسألة:
لن نطيل بنقل ما اتفق عليه العلماء من إمامة مالك بن أنس وشهاداتهم لمن سار على منهجه باتباع السنة والسلف، فالذي يسعنا في هذا المقام أن نكتفي من ذلك برأي بعض المحدثين المشهود لهم في عصرنا بالسلفية أصالة أو اتباعا.
فمن ذلك أن الحافظ اللالكائي(418هـ) السلفي ترجم للإمام في سياق من رسم بالإمامة في السنة والدعوة والهداية إلى طريق الاستقامة([29])
ونقل الحافظ الذهبي السلفي عن كثير من السلف ما يحتاج إليه في هذا المقام فمن ذلك
أنه نقل عن إسحاق بن راهويه(238هـ) أنه قال إذا اجتمع الثوري ومالك والأوزاعي على أمر فهو سنة وإن لم يكن فيه نص)([30])
..وقال الذهبيوقد اتفق لمالك مناقب ما علمتها اجتمعت لغيره أحدها طول العمر وعلو الرواية وثانيتها الذهن الثاقب والفهم وسعة العلم، وثالثتها اتفاق الأئمة على أنه حجة صحيح الرواية،
ورابعتها تجمعهم على دينه وعدالته واتباعه السنن ، وخامستها تقدمه في الفقه والفتوى، وصحة قواعده)([31])
وترجم له في السير فأكثر من نقل ثناء العلماء عليه ومن ذلك قوله: (هو شيخ الإسلام حجة الأمة إمام دار الهجرة..وعن ابن عيينة قال: مالك عالم أهل الحجاز وهو حجة زمانه
وقال الشافعي - وصدق وبر- إذا ذكر العلماء فمالك النجم...
, قال الشافعي العلم يدور على ثلاثة مالك والليث وابن عيينة...
وروي عن الأوزاعي أنه كان إذا ذكر مالكا يقول عالم العلماء ومفتي الحرمين
وقال ابن معين (233هـ) مالك من حجج الله على خلقه)([32])
ولعل هذا هو الذي يتسع له المقام في ترجمة الإمام. وما أحوجنا الآن إلى التنقيب عن رأيه قي هذه المسألة الأم والتمسك بمذهبه فهو شيخ الإسلام و حجة الأمة وإمام دار الهجرة الذي أجمع العلماء على دينه وعدالته واتباعه السنن.
ثالثا: رأي الإمام مالك رحمه الله تعالى في هذه المسألة.
أولا: نقد ما ينسبونه إلى الإمام من جهة السند:
من الملاحظ أن المخالفين في هذه المسألة اعتمدوا في فهم رأي الإمام على ما ينسبونه إليه من قوله لذلك السائل الاستواء معلوم والكيف مجهول) وتدل هذه العبارة عندهم على إثبات الكيفية وتفويض العلم بها إلى الله عز وجل.وهذا فهم لا يثبت من حيث النقل
ومن الملاحظ أن الروايات تعددت واختلفت في هذه الحادثة الواحدة اختلافا شديدا. ففي بعضها يعد الاستواء معلوما وتقابلها روايات يعد فيها الإستواء مجهولا. وبعضها يعد الكيف مجهولا ويقابله روايات تعد الكيف مرفوعا. ولن أطيل بتخريج هذه الروايات لأن الغرض يتحقق بتعقب ما ما ذكره الباحث عبد الرزاق البدر الذي تكلف في فهم مذهب الإمام مقتصرا على دراسة هذه الحادثة فجمع ما أمكنه الوقوف عليه من هذه الروايات المختلفة المتعارضة. ولم يفرق بين رواية الثقات وروايات من وافقهم من ضعاف الحفظ ومن خالفهم من الضعفاء. بل خلط الجميع خلطا واحدا وزعم أن ما ضعف من أسانيد هذه الروايات يتقوى بما صح من أسانيدها. وليس هذا من النقد الحديثي في شيء. فالواجب يقتضي مع هذا التعارض الواضح أن نعتمد على الأسانيد الصحيحة وأن نعد ما عارضها من باب المنكر أو الشاذ. وأن نفرق بين موافقة الثقات ومخالفتهم، فمن وافقهم فقد فاز بهذه الموافقة التي تجبر كسره وتؤكد نقله، ومن خالفهم من الضعاف صارت مخالفتهم مؤكدا لتضعيف روايته.
ولبيان ذلك نقول: وجدنا سبع روايات عن الإمام تتفق على نفي الكيف عن الله عز وجل


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله

الامام مالك بن انس  Nmrr
عبدالله


رساله sms النص
الامام مالك بن انس  Laella10
ذكر

<b>المشاركات</b> 555

نقات : 14608

التقييم التقييم : 5

البلد : رأس غارب_البحرالأحمر

المزاج : الامام مالك بن انس  Fosthn10

العمل/الترفيه : البترول والغطس وصيد الأسماك

المزاج المزاج : دائما فى نعم الحمد لله

الامام مالك بن انس  Ejr24340
الامام مالك بن انس  20

الامام مالك بن انس  12940041871

الامام مالك بن انس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الامام مالك بن انس    الامام مالك بن انس  Emptyالأربعاء أبريل 06, 2011 1:24 am

بارك الله فيكى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور

الامام مالك بن انس  Cartoon_327
نور


رساله sms النص
الامام مالك بن انس  Laella10
انثى

<b>المشاركات</b> 1062

نقات : 14026

التقييم التقييم : 4

البلد : مصر

العمل/الترفيه : قراءة القصص الحقيقية المؤثرة والاطلاع على كل ما هو جديد

المزاج المزاج : بخير من الله

الامام مالك بن انس  Ejr24340

الامام مالك بن انس  10

الامام مالك بن انس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الامام مالك بن انس    الامام مالك بن انس  Emptyالأربعاء أبريل 06, 2011 1:28 am

وبارك الله فيك على ردك الرائع
وجزاك الله الفردوس الاعلى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جوهرة الاسلام

الامام مالك بن انس  Get-2-2011-almlf_com_32k4zc56
جوهرة الاسلام


رساله sms النص
الامام مالك بن انس  Laella10
انثى

<b>المشاركات</b> 1301

نقات : 21152

التقييم التقييم : 11

البلد : مصـٌُُـر

المزاج : الامام مالك بن انس  Maa11

العمل/الترفيه : اجمع فتات روحى

المزاج المزاج : عايـــــــشـــــ والســلإأآأم ــــــــه

الامام مالك بن انس  A02

الامام مالك بن انس  Mms-53


الامام مالك بن انس  Ejr24340

الامام مالك بن انس  1000

الامام مالك بن انس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الامام مالك بن انس    الامام مالك بن انس  Emptyالأربعاء أبريل 06, 2011 10:21 am




تم وضعه كمركز تالت

الف مبرووووووووووك




الامام مالك بن انس  19




الامام مالك بن انس  Images?q=tbn:ANd9GcRyTmXPzIx2HNqWXfDRyPtkJuX8NfW4g2o5tHwKfZijsFQpqK_j




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور

الامام مالك بن انس  Cartoon_327
نور


رساله sms النص
الامام مالك بن انس  Laella10
انثى

<b>المشاركات</b> 1062

نقات : 14026

التقييم التقييم : 4

البلد : مصر

العمل/الترفيه : قراءة القصص الحقيقية المؤثرة والاطلاع على كل ما هو جديد

المزاج المزاج : بخير من الله

الامام مالك بن انس  Ejr24340

الامام مالك بن انس  10

الامام مالك بن انس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الامام مالك بن انس    الامام مالك بن انس  Emptyالخميس أبريل 07, 2011 12:10 am

الله يبارك فيكى يا قمر
وجزاكى الله كل خيرررر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صبرى الحلوانى

الامام مالك بن انس  1309714197191
صبرى الحلوانى


رساله sms اللهم صلى وسلم وبارك على رسول الله صلى الله عليه وسلم

الامام مالك بن انس  Laella10
ذكر

<b>المشاركات</b> 1899

نقات : 31613

التقييم التقييم : 15

البلد : مصر ام الدنيا

المزاج : الامام مالك بن انس  491cd710

المزاج المزاج : الحمد لله

الامام مالك بن انس  Ejr24340



الامام مالك بن انس  0WH5U-3gka_840929769

الامام مالك بن انس  1000

الامام مالك بن انس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الامام مالك بن انس    الامام مالك بن انس  Emptyالسبت أبريل 09, 2011 6:28 am

رووووووووووووووووووووووووووووعه

يسلموووووووووووووووووووووووووووو

وجزاكى الله الجنه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alraiq.yoo7.com
نور

الامام مالك بن انس  Cartoon_327
نور


رساله sms النص
الامام مالك بن انس  Laella10
انثى

<b>المشاركات</b> 1062

نقات : 14026

التقييم التقييم : 4

البلد : مصر

العمل/الترفيه : قراءة القصص الحقيقية المؤثرة والاطلاع على كل ما هو جديد

المزاج المزاج : بخير من الله

الامام مالك بن انس  Ejr24340

الامام مالك بن انس  10

الامام مالك بن انس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الامام مالك بن انس    الامام مالك بن انس  Emptyالإثنين أبريل 11, 2011 2:32 am

جزاك الله كل خير اخى صبرى الحلوانى
على ردك الرائع
وان شاء الله دايما منور الموضوع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طريق الهدايه اسدالسنه

الامام مالك بن انس  QDF14880
طريق الهدايه اسدالسنه


رساله sms النص
الامام مالك بن انس  Laella10
ذكر

<b>المشاركات</b> 1238

نقات : 22273

التقييم التقييم : 6

المزاج : الامام مالك بن انس  85

المزاج المزاج : تمام

الامام مالك بن انس  8gc3S-D7Jp_52733731

الامام مالك بن انس  Ejr24340
الامام مالك بن انس  21الامام مالك بن انس  1000
الامام مالك بن انس  17
<iframe src="https://www.facebook.com/plugins/follow?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fprofile.php%3Fid%3D1127292118&layout=standard&show_faces=true&colorscheme=light&width=450&height=80" scrolling="no" frameborder="0" style="border:none; overflow:hidden; width:450px; height:80px;" allowTransparency="true"></iframe>


الامام مالك بن انس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الامام مالك بن انس    الامام مالك بن انس  Emptyالخميس مايو 19, 2011 10:29 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الف الف الف مبروك اختي نور علي موضوعك الرئع بارك الله فيكي
تقبلي مرو اخوكي ابو مجاهد



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور

الامام مالك بن انس  Cartoon_327
نور


رساله sms النص
الامام مالك بن انس  Laella10
انثى

<b>المشاركات</b> 1062

نقات : 14026

التقييم التقييم : 4

البلد : مصر

العمل/الترفيه : قراءة القصص الحقيقية المؤثرة والاطلاع على كل ما هو جديد

المزاج المزاج : بخير من الله

الامام مالك بن انس  Ejr24340

الامام مالك بن انس  10

الامام مالك بن انس  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الامام مالك بن انس    الامام مالك بن انس  Emptyالإثنين مايو 23, 2011 1:10 am

جزاك الله خير اخى
وبارك الله فيك اخى طريق الهداية
ووفقك الى ما يحبة ويرضاة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الامام مالك بن انس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مالك غير الله
»  البراء بن مالك رضى الله عنه
» نغمه مالك الملك اعملها رنه لجوالك
» نية الامام الامامه
» الامام الشافعى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حبيب قلبى يا رسول الله :: الاقسام العامه :: ●{ مسابقه احسن موضوع ~-
انتقل الى: