( الحجاب) كا جاء في التشريع الإسلامي وبعد نزول آية الحجاب يبقى يحمل عدة معان تجاوزت المضمون التشريعي له كالتزام شرعي يحدد نوعية الملبس، وعدم إظهار الزينة للمرأة المسلمة أينما كانت..، بل ويمتد إلى أسلوب تعاملها مع من حولها من غير ذوي المحارم..
هذا التشريع الرباني لا يمكن للمنظور الغربي أن يستوعبه، ولكن وفي الاتجاه الذي بدأ يظهر على السطح في القراءة الموضوعية لهذا الحجاب من قبل بعض الغربيين، نجد أن هنري ماكوو المتخصص في (الشؤون النسوية والحركات التحررية) في أمريكا يبدي إعجابه بالقيم الإسلامية التي استنتجها من التفكير في الحجاب الذي ترتديه النساء المسلمات..
وكتب مقالته المشهورة عن المقارنة بين البرقع والبكيني التي عنوانها:
(The Deauchery of Amarican Woman hood)
أثارت ردود أفعال في الشارع الأمريكي بين مؤيد ورافض، كما يقول الدكتور محمد الكندري الذي ترجمها ونشرها حيث قام هنري ماكوو بالمقارنة بين صورتين على مكتبه كما يقول:
صورتان مختلفتان فهناك امرأة محجبة لا يظهر منها أي شيء حيث إنها ترتدي "البرقع" الأفغاني، وبين صورة متسابقة جمال أمريكية لا ترتدي سوى (البيكيني) - وهو لباس البحر المكون من قطعتين - ومن مقالته التي تستحق النشر كاملة في صحفنا العربية (بدلاً من مقالات فريدمان التي تقطر عداءً وسخرية منا نحن المسلمين).. يوضح ماكوو كيف أن هناك قيماً أخلاقية لهذا الحجاب ويقول: (لست خبيراً في شؤون النساء المسلمات وأحب الجمال النسائي كثيراً مما لا يدعوني للدفاع عن البرقع هنا، ولكني أدافع عن بعض من القيم التي يمثلها البرقع لي)... و(البرقع) بالنسبة لهذا الكاتب المختص بالشؤون النسائية وحركات تحررهن..!! يمثل له (التستر) ويمثل تكريس المرأة نفسها لزوجها وعائلتها.. هم فقط يرونها وذلك تأكيداً لخصوصيتها.. بينما في المقابل أو على النقيض يفسر صورة المرأة الأمريكية العارية إلا من البيكيني!! فيرى أنها تختال عارية تقريباً أمام الملايين على شاشات التلفزة. وهي ملك للعامة، تسوق جسدها إلى المزايد الأعلى للسعر.. هي تبيع نفسها بالمزاد العلني كل يوم..
ويضيف: في أمريكا المقياس الثقافي لقيمة المرأة هو جاذبيتها، وبهذه المعايير تنخفض قيمتها بسرعة، وهي تشغل نفسها وتهلك أعصابها لهذا الظهور..
أما المرأة المسلمة التي يشيد بها هنري ماكوو فيراها من خلال أن تركيزها كإمرأة مسلمة على بيتها، هذا العش حيث يولد به أطفالها وتتم تربيتهم، فهي الصانعة المحلية، هي الجذر الذي يبقي على الحياة والروح للعائلة.. فهي التي تربي أطفالها، وهي التي تمد يد العون لزوجها وتكون ملجأ له..
ويمتد تحليله لواقع المرأة في أمريكا من خلال مناقشة فترة المراهقة الشاذة التي تعيشها الفتاة الأمريكية حيث التعري والجنس والرذيلة.. فقدوتهن المطربات شبه العريات.. حيث تتعلم المراهقة من تلك الشخصيات أنها لن تكون محبوبة إلاّ إذا مارست الجنس.. ومن هنا تتعلق بالعواطف الفارغة بدلاً من الخطبة والحب الحقيقي.
ويوضح ماكوو الآثار السلبية للحياة الماجنة التي تعيشها الفتاة الأمريكية حيث إن عشرات الذكور يعرفونها قبل زواجها.. فتفقد براءتها التي هي جزء من جاذبيتها فتصبح ماكرة، غير قادرة على الحب جامدة.. ويوضح أن المرأة في المجتمع الأمريكي تجد نفسها منقادة إلى السلوك الذكوري مما يجعلها امرأة عدوانية مضطربة لا تصلح أن تكون زوجة أو أماً إنما هي فقط للاستمتاع الجنسي وليس للمحبة أو التكاثر..
ويستمر ماكوو في وصف النظام العالمي ودوره في تحويل أفراد المجتمع إلى أناس منعزلين، جائعين جنسياً.. فيقول: الأبوة هي قمة التطور البشري، وهي مرحلة التخلص من الانغماس في الشهوات حتى نصبح عباداً لله.. تربية وحياة جديدة.. النظام العالمي الجديد لا يريدنا أن نصل إلى هذا المستوى من الرشد، إنه يريدنا منفردين منعزلين.. جائعين جنسياً ويقدم لنا الصور الفاضحة بديلاً للزواج..
هذا هنري ماكوو.. يحلل بعمق الفرق بين (التستر) و(العري).. في بناء المنظومة الأخلاقية في المجتمع التزاماً أو تخلياً.
صورة المرأة المسلمة في حجابها، فجرت هذا المخزون الثقافي لديه وهو المهتم بحركات تحرر النساء والكاشف عن زيفها الآن.. حيث يقول عنها:
(تحرير المرأة خدعة من خدع النظام العالمي الجديد، خدعة قاسية، أغوت النساء الأمريكيات وخربت الحضارة الغربية)..
ويؤكد أن تحرير المرأة يمثل تهديداً للمسلمين.. ووضح في السياق نفسه الدوافع الحقيقية لحرب الغرب على الأمة العربية الإسلامية.. موضحاً أنها حرب ذات أبعاد سياسية وثقافية وأخلاقية.. وأنها تستهدف ثروات الأمة إضافة إلى سلبها أثمن ما تملك دينها وكنوزها الثقافية والأخلاقية.. وعلى صعيد المرأة استبدال (البرقع) وما يحمله من (قيم) بـ (البكيني) كناية عن (التعري والتفسخ)..
هذا صوت قادم من الغرب ومن قلب النموذج الغربي المهترئ الذي يرغبون تعميمه على نساء العالم والمسلمات على وجه الخصوص.. صوت قادم يدرك القيم الأخلاقية لحجاب النساء المسلمات.. مقابل أصوات ناعقة من هناك ومن الداخل لتحرير النساء من الحجاب!!
هذا الهنري ماكوو يقول:
(أنا لا أدافع عن البرقع أو النقاب أو الحجاب.. لكن إلى حد ما بعض القيم التي يمثلها بصفة خاصة.. عندما تهب المرأة نفسها لزوجها وعائلتها.. والتواضع والوقار يستلزم هذه الوقفة)..
بالطبع رضوخنا لتعاليم الشريعة فيما يخص الحجاب لا يتطلب منا الاستشهاد بآراء البشر كي نقتنع بها.. ولكن هي رسالة لمن غيبت المادة عقولهم واغتسلوا بآليات التغريب والتخلي عن الدين والقيم في مظاهرة (تحرير المرأة من الحجاب)!!