إلى ولدي ........ محمد شعر د . ابراهيم طالب عيسى

تهادى الليل وارتحل الضياء وفي بعد المدى غام الفضـاء
وقصف الرعد يطرق من بعيد يكاد من الصدى يهوي البناء
وعصف الريح يعوي في الحواري وثار الكون وانهمر الشتاء
وفي جوف الظلام سمعت طفلي يئن ..فحز في قلبي البكاء
فقمت إلى فؤادي أحتويه وألثمه ..وذا طفل بـــراء
وفي عينيه صمت هز نفسي وفي الأنات خوف وانطـواء
فطابت نفسه ما إن رآني وغطته الوداعة والنقـــاء
ونام قرير عين في أمان وبين جوانحي جثم العنــاء
أخاف عليك من آت بغيب ولا أدري أحلو أم شقـــاء
فقد أفنى وتلقاني ترابا إذا ما الموت حل فلا فــداء
ولكني لك استخلفت ربا رحيما ما لرحمته انقضــــاء
نعيش على الحياة طيوف حلم سريع ثم يأتينا الفنـــــاء
فخذ مني النصيحة رب يوم يكون لنا من النصح الضيــاء
فكن بالله دوما مستعينا فمنه العون يرجى والعطـــاء
ولا تخفض جبينك عن هوان فإن الضعف في نفس وبــــاء
فكن متواضعا في ثوب عز وكن متعاطفا فيه الإبــــاء
كريم الأصل فيك له احترام وللمغرور فيك الكبريــــاء
وإن حكمت فلتحكم بعدل فكل الناس في حق ســــواء
ولا ترهب لمخلوق مكانا فكل أصله طين ومـــــاء
وثابر في سبيل العلم سعيا ففي التعليم نور وارتقـــــاء
وأهل العلم بعد الرسل كانوا مصابيح الحياة بها تضـــاء
فأجللهم وزاحمهم بحب تفز بعلومهم فهـــــي الدواء
ولا تكثر مزاحك في هراء إن الهزل للنفس ازدراء
يزيل وقارها فتصير فوضى ويمحو حسنها فهي الخواء
توخ الرزق دوما من حلال ولا تكنز فيلهيـــك الثراء
فبئس رفاهة فيها بلاء ورب قناعة فيها الهنـــاء
بني –وأنت تسري في ضلوعي- كما تسري باوداجي الدماء
أخاف عليك من زمن غريب على أعتابه يجثو الريــــاء
فلا تخدع بمن يعطيك مدحا وباطنه الدناءة والعـــماء
وكن حذرا إذا ما اخترت خلا ويعرف في البلاء الأصدقاء
بقول صادق فيه أمان وفعل مخلص فيه الوفـــاء
فلا تجزع إذا ما حل خطب ولا تيأس إذا اشتد البـــلاء
فبالأحداث تتضح الخبايا وتنكشف الشماتة والعــــداء
وكم من معدن تلقاه زيفا إذا انزاح عن الصدأ الطــلاء
وكم يغني صديق عن ألوف وفي أيامنا ضاع الـــولاء
وإن خوصمت يوما من خليل فلا تشطط فيزداد الجفاء
وصن حق الخصام فرب نفس تضئ إذا انجلى عنها الغطاء
وقد يأتي إليك يريد صفحا جميل الصفح يتلوه الصفاء
فبعد الليل يأتينا نهار وبعد العسر يأتينا الرخاء
ورب غمامة تأتي بخير يكون لحبة منه النـماء
بني إذا بنيت فكن حكيما ولا يغررك ما تبدي النساء
فلا تختر سوى الأخلاق عرسا فذات الدين فيها الاكتفاء
فكم حسناء يكسوها بريق وبين ضلوعها سم وداء
كحرباء تغير كل لون لها في كل أسلوب رداء
فلا تخدع بزيف من سراب فكل مظاهر الدنيا غثاء
تموج بنا الحياة ونحن فيها سحابات يشتتها الهواء
تشعبت الظنون بكل واد ودين الله حق.. لا مراء
فداوم بالصلاة ففي سناها زوال للمخاوف وانجلاء
وما جئنا لنركن أو لنلهو ولكن الجهاد هو اللـواء
فحقق دعوة التوحيد فيهات تعالى من يكون له البقـاء
ولا تترك لنفسك مشتهاها جهاد النفس صبر وابتلاء
وإن خاطبت من يعلوك سنا فلين القول يكسوه الحياء
تجد منهم قلوبا مصغيات وفي الآذان يخترق النــداء
فإن نزعوا خطاك تفز بحب وتأمن مكرهم إن هم أساؤا
إلهي أنت رحمن رحيم بأمرك -ربنا- يجري القضاء
وما أنا يا إلهي غير عبد ضعيف كل ما فيه هبــاء
ولسنا نبتغي إلاك ربا نفر إليك يحدونا الرجــاء
فبارك دربنا واسمع دعانا وأنت الحق تفعل ما تشاء

شعر د . إبراهيم طالب عيسى
استشاري أمراض الباطنة
جمهورية مصر العربية
دمياط

سلمت يديك التي نقلت الموضوع

وسلم عقلك الذي قدم الفكرة



مشكوووووووووور