جماعة المسلمين ، وهم سَلَفُ هذه الأُمة من الصحابة والتابعين ومن تَبعهُم بإِحسان إِلى يوم الدِّين ؛ الذين اجتمعُوا على الكتاب والسَنَة ، وساروا على ما كان عليه رسول اللّه- صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- ظاهرا وباطنا .
وقد أَمرَ اللّهُ تعالى عباده المؤمنين وحَثَّهم على الجماعة والائتلاف والتعاون ونهاهم عن الفرقة والاختلافِ والتَناحر ، فقال :
{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } (2) وقال : { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ } (3) وقال النَبِي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم :
وَإِن هَذهِ الملة سَتفْتَرقُ عَلَى ثَلاث وَسَبعين ، ثِنْتانِ وَسَبعونَ في النَّار ، وَوَاحِدة في الجنة ، وَهي : " الجماعَة » (1) وقال : « عَلَيْكُمْ بالجَماعَة ، وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ ؛ فَإِنَّ الشَّيطانَ مَعَ الوَاحِدِ ، وَهُوَ مِن الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ ، وَمَنْ أَرَاد بُحْبُوحَةَ الجنة ، فَلْيَلْزَم الجَمَاعَة » (2) وقال الصحابي الجليل عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه : (الجَمَاعَةُ مَا وَافَقَ الَحَقّ ، وَإِن كُنْتَ وَحْدَكَ) (3)
فَأهلُ السُّنَّةِ والجماعة :
هم المتمسكون بسُنٌة النَّبِيِّ- صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- وأَصحابه ومَن تبعهم وسلكَ سبيلهم في الاعتقاد والقول والعمل ، والذين استقاموا على الاتباع وجانبوا الابتداع ، وهم باقون ظاهرون منصورون إِلى يوم القيامة فاتَباعُهم هُدى ، وخِلافهم ضَلال .
_________
(1) صحيح سنن أبي داود : للألباني .
(2) رواه الإمام أحمد في : « مسنده » وصححه الألباني في (السنة ) لابن أبي عاصم .
(3) أخرجه اللالكائي في : « شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة » .
وأَهل السنَّة والجماعة : يتميزون عن غيرهم من الفرق ؛ بصفات وخصائص وميزات منها :
ا- أَنَّهم أَهل الوسط والاعتدال بين الإفراط والتفريط ، وبين الغلو والجفاء سواء أكان في باب العقيدة أَم الأَحكام والسلوك ، فهم وسطٌ بين فرق الأمَّة ، كما أَنَّ الأُمة وسطٌ بين الملل .
2 - اقتصارهم في التلقِّي على الكتاب والسنَّة ، والاهتمام بهما والتسليم لنُصوصهما ، وفهمهما على مقتضى منهج السلف .
3 - ليس لهم إِمام مُعظَمٌ يأَخذون كلامه كلَه ويدعُونَ ما خالَفه إِلا رسول اللّه- صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- وهم أَعلمُ الناسِ بأَحواله ، وأَقواله ، وأَفعاله ، لذلك فهم أَشدُّ النَّاس حُبّا للسُّنَّة ، وأَحرصهم على اتباعها ، وأكثرهم موالاة لأَهلها .
4 - تركهم الخصومات في الدِّين ، ومجانبة أَهلها ، وترك الجدال والمراء في مسائل الحلال والحرام ، ودخولهم في الدِّين كُلّه .
5 - تعظيمهم للسَّلف الصالح ، واعتقادهم بأن طريقة السلف أَسْلَم ، وأعلم ، وأحكم .
6 - رَفْضهُم التأويل ، واستسلامهم للشرع ، مع تقديمهم النقل على العقل- تصورات الأذهان- وإخضاع الثاني للأول .
7 - جمعُهُم بين النصوص في المسألة الواحدة وَردهم المتشابه إِلى المحكم .
8 - أَنهم قدوة الصالحين ؛ الذين يهدون إِلى الحقِ ، ويرشدون إِلى الصراط المستقيم ؛ بثباتهم على الحقِّ وعدم تَقَلُبِهِمْ ، واتِّفاقهم على أُمور العقيدة ، وجمعهم بين العلم والعبادة ، وبين التوكل على اللّه ، والأَخذ بالأَسباب ، وبين التوسع في الدُّنيا والورع فيها ، وبين الخوف والرجاء ، والحب والبغض في اللّه ، وبين الرحمة واللين للمؤمنين والشدةِ والغلظة على الكافرين ، وعدم اختلافهم مع اختلاف الزمان والمكان .
9- أَنَّهم لا يتسمَون بغير الإِسلام ، والسُنَّة ، والجماعة .
10- حِرْصُهُم على نشرِ العقيدة الصحيحة ، والدين القويم ، وتعليمهم النَاس وإرشادهم ، والنصيحة لهم ، والاهتمام بأُمورهم .
11- أَنهم أَعظمُ النَّاس صبرا على أَقوالهم ، ومعتقداتهم ، ودعوتهم .
12- حِرصُهم على الجماعة والأُلفة ، ودعوتهم إِليها وحث النَاس عليها ، ونبذهم للاختلاف والفرقَةِ ، وتحذير النَّاس منها .
13- أَنَّ اللّه- عز وجل- عَصَمَهمُ من تكفير بعضهم بعضا ، ثمَ هم يحكمون على غيرهم بعلم وعدل .
14- محبَّة بعضهم لبعض ، وترحُّم بعضهم على بعض ، وتعاونهم فيما بينهم ، وسد بعضهم لنقص بعض ، ولا يوالون ولا يعادون إِلا في اللّه .
وبالجملة : فهم أحسنُ النَّاس أَخلاقا ، وأَحرصهم على زكاة أَنفسهم بطاعة اللّه تعالى ، وأَوسعُهم أُفُقا ، وأَبعدهم نظرا ، وأَرحبهم بالخلاف صدرا ، وأَعلمُهم بآدابه وأصوله .
الحمد الله رب العالمين اللهم الهمني الاخلاص في القول والعمال يارب تقبلو من اخوكم في الله الفقير الي الله الراجي غفرانه
ابو مجاهد